فعلم الأصول باعتباره مفردات و قواعد متفرقة يعود إلى الإمام الصادق.
إما باعتباره تدوينا و منهجا متكاملا، فنميل إلى اعتباره إنجازا للإمام الشافعي. و الراجح أن عمله أنضج من العمل الذي أنتجه هشام بن الحكم، حيث أن الإمام الشافعي كان فقيها يضع و يطبق منهجا يتصل بحقل المعرفة الذي تخصص فيه، بخلاف هشام بن الحكم الذي لم يكن فقيها، بل متكلما و فيلسوفا.
و من هنا نلاحظ أن تدوين الأصول باعتباره منهجا كان عند من سمّوا فيما بعد (أهل السنّة) هو أسبق من التيار المنتمي إلى مدرسة أهل البيت و الذي سمّي أتباعه فيما بعد (الشيعة الإمامية).
مناهج (طرق) تدوين علم الأصول:
ذهب بعض الباحثين إلى القول بأن تدوين علم الأصول قد تمّ- في مراحل مختلفة- وفق مناهج ثلاثة، هي:
أ- الأولى: اصطلح عليها باسم (طريقة المتكلمين):
و منهج هذه الطريقة يقوم على تعريف المطالب لغويا و منطقيا و بعد ذلك بحث الأحكام الشرعية، و بعدها تأتي أبحاث الأدلة و الدلالة، ثم أبحاث الاجتهاد و التقليد. فهي طريقة تضع أولا القواعد الكلية ليطبقها الفقيه على الجزئيات.
و هذا المنهج لا ينتمي إلى مذهب فقهي معين. و يعتمد الاستدلال العقلي و المقارنات المنطقية و يورد المسائل الفقهية للتمثيل و التطبيق.
فهو علم وجد بصورة مستقلة عن الفقه. و من هنا يقال عن الشافعي أنه وضع أصوله قبل فقهه. و من الكتب المشهورة في هذه الطريقة كتاب المستصفى للغزالي، و الإحكام في أصول الأحكام لأبي الحسن الآمدي.
و يمكن تسمية هذه الطريقة بأنها طريقة الشافعي لدعوى أن الشافعي وضع كتابه على أساسها و هو أول مدوّن فقهي مكتمل و منظم.