و كذا يجوز لحاظ اللفظ في مجموع معنيين في استعمال واحد و لو مجازا؛ مثلما تنظر في المرآة في آن واحد إلى صورتين لشيئين مجتمعين.
و في الحقيقة إنما استعملت اللفظ في معنى واحد هو مجموع المعنيين، و نظرت في المرآة إلى صورة واحدة لمجموع الشيئين.
تنبيهان
(الأول)- إنه لا فرق في عدم جواز الاستعمال في المعنيين بين أن يكونا حقيقيين أو مجازيين أو مختلفين. فإن المانع- و هو تعلق لحاظين بملحوظ واحد في آن واحد- موجود في الجميع، فلا يختص بالمشترك كما اشتهر.
(الثاني)- ذكر بعضهم أن الاستعمال في أكثر من معنى إن لم يجز في المفرد يجوز في التثنية و الجمع، بأن يراد من كلمة عينين- مثلا- فرد من العين الباصرة و فرد من العين النابعة، فلفظ عين- و هو مشترك- قد استعمل حال التثنية في معنيين: في الباصرة و النابعة. و هذا شأنه في الإمكان و الصحة شأن ما لو أريد معنى واحد من كلمة عينين؛ بأن يراد بها فردان من العين الباصرة مثلا، فإذا صح هذا فليصح ذاك بلا فرق.
و استدل على ذلك بما ملخصه: إن التثنية و الجمع في قوة تكرار الواحد بالعطف، فإذا قيل: عينان فكأنما قيل: عين و عين. و إذ يجوز في قولك (عين و عين) أن تستعمل أحدهما في الباصرة و الثانية في النابعة فكذلك ينبغي أن يجوز فيما هو بقوتهما أعني (عينين). و كذا الحال في الجمع.
و الصحيح عندنا عدم الجواز في التثنية و الجمع كالمفرد. و (الدليل) إن التثنية و الجمع و إن كانا موضوعين لإفادة التعدد، إلا أن ذلك من جهة وضع الهيئة في قبال وضع المادة، و هي- أي المادة- نفس لفظ المفرد الذي طرأت عليه التثنية و الجمع، فإذا قيل:
(عينان)- مثلا- فإن أريد من المادة خصوص الباصرة فالتعدد يكون فيها أي: فردان منها، و إن أريد منها خصوص النابعة- مثلا- فالتعدد يكون بالقياس إليها، فلو أريد الباصرة و النابعة فلا بد أن يراد التعدد من كل منهما أي: فرد من الباصرة و فرد من النابعة، لكنه مستلزم لاستعمال المادة في أكثر من معنى، و قد عرفت استحالته.
و أما أن التثنية و الجمع في قوة تكرار الواحد فمعناه: أنها تدل على تكرار أفراد