لا ينبغي الإشكال في إمكان الترادف و الاشتراك، بل في وقوعهما في اللغة العربية، فلا يصغى إلى مقالة من أنكرهما. و هذه بين أيدينا اللغة العربية و وقوعهما فيها واضح لا يحتاج إلى بيان.
الترادف و الاشتراك: (1) اختلف العلماء في وقوع الاشتراك اللفظي على أقوال:
1- أنه ممكن مطلقا- في القرآن و في غيره- و هو الصحيح.
2- أنه مستحيل مطلقا.
3- التفصيل بين القرآن و غيره فمستحيل في الأول دون الثاني.
4- أنه واجب و ضروري الوقوع.
أدلة إمكان وقوع الاشتراك اللفظي مطلقا: 1- النقل: فإن أهل اللغة نقلوا لنا وقوع الاشتراك في جملة من الألفاظ- كعين.
2- التبادر: أي: انسباق المعاني المتعددة من اللفظ، و عدم تعين المراد إلّا بقرينة.
3- عدم صحة السلب عن كلا المعنيين و المعاني، فلا يمكن أن نقول: الذهب ليس بعين أو الناظرة ليس بعين، و من الواضح: أن التبادر و عدم صحة السلب علامة على الحقيقة و الوضع.
دليل من قال باستحالة الاشتراك اللفظي مطلقا: هو أن الاشتراك من هذا القسم ينافي حكمة الوضع، و هي التفهيم، فإنها لا تحصل مع إجمال المعنى المراد، و اختفاء القرائن الدالة عليه.
جواب هذا الدليل بوجهين: الأول: أن الدليل أخص من المدعى في قوله: «اختفاء القرائن»، و ذلك لإمكان الاعتماد على القرائن الواضحة لتعيين المعنى المراد من اللفظ المشترك، فلا يلزم المنافاة لحكمة الوضع.
الثاني: إنا نمنع انحصار الحكمة من الوضع في التفهيم، بل قد يتعلق الفرض بالإجمال، فلو أجمل لم يكن مخلا بالحكمة، لوجودها في نفس الإجمال.
دليل من قال بالتفصيل بين القرآن و غيره: هو أن استعمال المشترك في القرآن مستحيل لاستلزامه أحد محذورين:
1- التطويل بلا طائل.
2- الإخلال بالغرض، و كلاهما مستحيل على الله «عزّ و جل»، و ذلك لأنه إن استعمل المشترك مع الاعتماد على القرينة استلزم التطويل بلا طائل؛ و ذلك لإمكان استعمال الألفاظ المختصة بمعانيها بلا حاجة إلى قرائن. و إن استعمل المشترك بلا اعتماد على القرينة: استلزم الإخلال بالغرض من الواضع و هو التفهيم، حيث يلزم إجمال المعنى المراد.
جواب القول بالتفصيل: إن استعمال المشترك في القرآن لا يلزم منه كلا المحذورين.