فتكون مسألة تعدد المعنون بتعدد العنوان و عدم تعدده حيثية تعليلية في مسألتنا، و من المبادئ التصديقية (1) لها على أحد احتمالين، لا إنها هي نفس محل النزاع في الباب، فإن البحث هنا ليس إلا عن نفس الجواز و عدمه؛ كما عبر بذلك كل من بحث هذه المسألة من القديم (2).
و من هنا تتجلى المناقشة فيما أفاده في (كفاية الأصول) في رجوع محل البحث هنا إلى البحث عن استدعاء تعدد العنوان و المعنون و عدمه.
فإنه فرق عظيم بين ما هو محل النزاع و بين ما يبتني عليه النزاع في أحد احتمالين. فلا وجه للخلط بينهما و إرجاع أحدهما إلى الآخر، و إن كان في هذه المسألة لا بد للأصولي من البحث عن تعدد العنوان هل يوجب تعدد المعنون، باعتبار أن هذا البحث ليس مما يذكر في موضع آخر.
قيد المندوحة (3):
ذكرنا فيما سبق: أن بعضهم قيد النزاع هنا بأن تكون هناك مندوحة في مقام
(1) فالمبادئ التصديقية عبارة عن الأدلة التي توجب التصديق بثبوت المسألة أو عدم ثبوتها، و هذه المسألة توجب التصديق بالاستحالة أو التصديق بالإمكان.
(2) أي: مسألة تعدد العنوان يوجب التعدد أو لا يوجب التعدد هي حيثية تعليلية لمحل النزاع أي: هي بمثابة العلة للجواز أو لعدم الجواز؛ لا إنّها هي مصب النزاع. فمصب النزاع هو إمكان الاجتماع و عدم إمكان الاجتماع بأي حيثية كان، سواء كان الإمكان ثابتا بحيثية تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون أو كان ثابتا بحيثية أخرى.
(3) قيد المندوحة: قبل أن ندخل في بيان موضع النزاع نذكر بإيضاح معنى المندوحة و هي: كون المكلف متمكنا من امتثال الأمر في مورد آخر غير مورد الاجتماع. و بتعبير أوضح: إذا كنت في دار مغصوبة في وقت الصلاة ففي مثل هذه الحالة يتوجه أمر بالصلاة و نهي عن الصلاة، فإذا تمكن بامتثال الصلاة في الأرض غير المغصوبة تسمى هذه الحالة بقيد المندوحة، و في هذا المورد يقع النزاع بأنّه هل يجوز اجتماع الأمر و النهي في شيء واحد أي: في الأرض المغصوبة مع التمكن من الصلاة في خارج الأرض المغصوبة أم لا؟
و وجه وقوعه في محل النزاع: لأجل اجتماع الأمر بالصلاة و النهي عنها في الأرض المغصوبة بسوء اختياره في دخوله هذه الأرض المغصوبة، و في الوقت نفسه أنّه قادر على الصلاة في خارج الأرض المغصوبة.
أما لو قلنا: إنّه لا توجد عنده مندوحة أي: بأن نفرض أنّه سجن في أرض مغصوبة فهنا لا يمكن أن