و بعبارة أوضح: أن دليل المهم في أصله مطلق يشمل صورتين: صورة فعل الأهم و صورة تركه، و لما رفعنا اليد عن شموله لصورة فعل الأهم لمكان المزاحمة و تقديم الراجح فيبقى شموله لصورة ترك الأهم بلا مزاحم، و هذا معنى اشتراطه بترك الأهم.
فيكون هذا الاشتراط مدلولا لدليلي الأمرين معا بضميمة حكم العقل، و لكن هذه الدلالة من نوع دلالة الإشارة (راجع عن معنى دلالة الإشارة المجلد الأوّل ص 265).
هذه خلاصة فكرة (الترتب) على علاتها، و هناك فيها جوانب تحتاج إلى مناقشة و إيضاح تركناها إلى المطولات، و قد وضع لها شيخنا المحقق النائيني خمس مقدمات لسد ثغورها. راجع عنها تقريرات تلامذته.
المسألة الرابعة: اجتماع الأمر و النهي (1)
تحرير محل النزاع:
و اختلف الأصوليون من القديم في أنه هل يجوز اجتماع الأمر و النهي في واحد أو لا يجوز؟
اجتماع الأمر و النهي: (1) من المسائل العقلية المطروحة: مسألة اجتماع الأمر و النهي في شيء واحد. بمعنى: أن البحث هنا في جواز اجتماع الأمر و النهي عقلا، لا في دلالة اللفظ على هذا الاجتماع أو عدم دلالته. و بالإضافة إلى هذا: هل إن هذه المسألة مسألة أصولية أم لا. وقع الكلام منهم من قال أنها أصولية كما ذهب إلى ذلك صاحب الكفاية. و منهم من ذهب إلى إنها ليست مسألة أصولية. حيث لا يستنتج منها الحكم الشرعي مباشرة و إنما ذكرت هنا لأن البحث على دلالتها على الأمر و النهي فأدرجت في مباحثهما.
و السؤال المطروح هنا هو: هل يجوز اجتماع الأمر و النهي في واحد أم لا؟ هناك أقوال:
- الأول: بالجواز.
- الثاني: بعدم الجواز.
- الثالث: بجوازه عقلا و امتناعه عرفا. إذا: الآراء المطروحة ثلاثة. إلا أن صاحب الكفاية (قدس سره) في كفايته قبل أن يدخل في المطلب و المقصود يقدم أمورا:
الأمر الأول: ما المراد بالواحد المذكور في العنوان؟