و على القول الآخر تتمحض في الدخول صغرى لحجية العقل. و الجامع بينهما هو جعلها صغرى لحجية العقل.
ثمرة النزاع (1):
إن ثمرة النزاع المتصورة- أولا و بالذات- لهذه المسألة هي استنتاج وجوب المقدمة شرعا بالإضافة إلى وجوبها العقلي الثّابت. و هذا المقدار كاف في ثمرة المسألة الأصولية، لأن المقصود من علم الأصول هو: الاستعانة بمسائله على استنباط الأحكام من أدلتها.
و لكن هذه ثمرة غير عملية، باعتبار أن المقدمة- بعد فرض وجوبها العقلي و لا بدية الإتيان بها- لا فائدة في القول بوجوبها شرعا أو بعدم وجوبها، إذ لا مجال للمكلف أن يتركها بحال ما دام هو بصدد امتثال ذي المقدمة.
و عليه، فالبحث عن هذه المسألة لا يكون بحثا علميا مفيدا، بل يبدو لأوّل وهلة أنه لغو من القول لا طائل تحته، مع أن هذه المسألة من أشهر مسائل هذا العلم و أدقها و أكثرها بحثا.
و من أجل هذا: أخذ بعض الأصوليين المتأخرين يفتشون عن فوائد عملية لهذا البحث غير ثمرة أصل الوجوب (2). و في الحقيقة إن كل ما ذكروه من ثمرات لا تسمن و لا تغني من جوع.
(راجع عنها المطولات إن شئت).
فيا ترى هل كان البحث عنها (3) كله لغوا؟ و هل من الأصح أن نترك البحث عنها؟- نقول: لا!
إن للمسألة فوائد علمية كثيرة إن لم تكن لها فوائد عملية، و لا يستهان بتلك
(1) ثمرة النزاع:
قد يقول قائل: أن ثمرة بحث المقدمة هو إثبات وجوب المقدمة شرعا، و لكن نقول: صحيح ثمرة هذه المسألة (مقدمة الواجب) هو إثبات أصل الوجوب الشرعي للمقدمة، و لكنها ليست ثمرة عملية؛ إذ التحريك ثابت باللابدية العقلية للمقدمة التي لا يتم الواجب إلا بها سواء ثبت الوجوب الشرعي للمقدمة أم لا. و لأجل كون هذه الثمرة ليست عملية ذهب الأصوليون للبحث عن ثمرات عملية.