responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفيد في شرح أصول الفقه نویسنده : ابراهيم اسماعیل شهركاني    جلد : 1  صفحه : 395

بادي رأي الجميع (1)، فلا بد أن يحكم الشارع بحكمهم، لأنه منهم بل رئيسهم.

فهو بما هو عاقل- بل خالق العقل- كسائر العقلاء لا بد أن يحكم بما يحكمون (2)، و لو فرضنا إنه لم يشاركهم في حكمهم لما كان ذلك الحكم بادي رأي الجميع، و هذا خلاف الفرض (3).

و بعد ثبوت ذلك ينبغي أن نبحث هنا عن مسألة أخرى، و هي: إنه لو ورد من الشارع أمر في مورد الحكم العقل كقوله تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ، فهذا الأمر من الشارع هل هو أمر مولوي أي: أنه أمر منه بما هو مولى، أو أنه أمر إرشادي أي:

أنه أمر لأجل الإرشاد إلى ما حكم به العقل، أي: أنه أمر منه بما هو عاقل؟ و بعبارة أخرى: أن النزاع هنا في أن مثل هذا الأمر من الشارع، هل هو أمر تأسيسي، و هذا معنى أنه مولوي، أو أنه أمر تأكيدي و هو معنى أنه إرشادي (4).


الإجابة الثانية: إن العقلاء إذا حكموا بحسن الصدق مثلا فلا يمكن أن يحكم الشارع بوجوبه؛ لأن الغرض من حكم الشارع بالوجوب ليس إلا تحريك المكلف نحو الصدق، و نحن ما دمنا قد فرضنا حكم العقل بحسن الصدق فيكفي ذلك لتحريك المكلف نحو فعل الصدق بلا حاجة إلى حكم الشارع بوجوبه؛ بل لا يمكن ذلك لأنه أشبه بتحصيل الحاصل، إذ ما دام المكلف متحركا نحو الصدق فحكم الشارع بوجوبه يكون من قبيل تحريك المتحرك. هكذا ذكر الشّيخ العراقي في نهاية الأفكار، ج 3، ص 37. و السيّد الخوئي في مصباح الأصول، ج 2، ص 26.

و فيه: إن محذور اللغوية و تحصيل الحاصل غير لازم لأن حكم العقل بالحسن و إن كان قد يحرك المكلف نحو فعل الصدق؛ و لكن محركية هذا الحسن العقلي لربما تكون بدرجة ضعيفة لا يهتم المكلف معها بالصدق، بينما لو حكم الشارع بالوجوب قويت تلك المحركية و صارت سببا لإقدام المكلف على الصدق، و الشارع المقدس إذا كان مهتما بالصدق و يريد التحرك نحوه فمن اللازم أن يحكم بوجوبه.

(1) (بادي رأي الجميع) يراد من هذه العبارة الاتفاق، يعني: هذا الحكم يكون اتفاق رأي الجميع.

(2) بل قد يقال: أن مقتضى أنه خالق العقل و أنه سبحانه سيّد العقلاء أن يخالفهم في بعض الأمور على أقل الأمور؛ و ذلك لقصور العقل و عدم إحاطته في بعض الأمور.

(3) هذا البرهان الذي اعتمد عليه المصنّف في إثبات مطلوبه يسمى برهان الخلف و هو عبارة عن استدلال غير مباشر يبرهن به على كذب نقيض المطلوب؛ ليستدل به على صدق المطلوب كما هو الحال هنا.

(4) الثمرة العملية بين الأمر الإرشادي و الأمر المولوي هو: إن الأول لا يوجد عقاب عليه في حالة مخالفته، و الثاني يترتب عليه عقاب فيما لو خالفه.

نام کتاب : المفيد في شرح أصول الفقه نویسنده : ابراهيم اسماعیل شهركاني    جلد : 1  صفحه : 395
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست