من الأدلة على الحكم الشرعي عند الأصوليين الإمامية: (العقل)، إذ يذكرون: أن الأدلة على الأحكام الشرعية الفرعية أربعة: الكتاب و السنة و الإجماع و العقل.
و سيأتي في (مباحث الحجة) وجه حجية العقل. أما هنا فإنما يبحث عن تشخيص صغريات ما يحكم به العقل المفروض أنه حجة، أي: يبحث هنا عن مصاديق أحكام العقل الذي هو دليل على الحكم الشرعي. و هذا نظير البحث في المقصد الأوّل (مباحث الألفاظ) عن مصاديق أصالة الظهور التي هي حجة، و حجيتها إنما يبحث عنها في مباحث الحجة (1).
و توضيح ذلك: إن هنا مسألتين:
1- أنه إذا حكم العقل على شيء أنه شرعا أو يلزم فعله شرعا، أو يحكم على شيء أنه قبيح شرعا أو يلزم تركه شرعا- بأي طريق من الطرق التي سيأتي بيانها- هل يثبت بهذا الحكم العقلي حكم الشرع؟ أي: أنه من حكم العقل هذا هل يستكشف منه أن الشارع واقعا قد حكم بذلك (2)؟
و مرجع ذلك إلى: أن حكم العقل هذا هل هو حجة أو لا؟ و هذا البحث- كما قلنا- إنما يذكر في مباحث الحجة، و ليس هنا موقعه. و سيأتي بيان إمكان حصول
(1) و بعبارة أكثر فنية: البحث هنا عن أصل الإدراك لا حجية الإدراك، أي: إن العقل هل يدرك الملازمة بين وجوب الشيء و وجوب مقدمته، أو هل يدرك الملازمة بين أن الأمر بالشيء يقتضي الإجزاء أم لا؟
(2) و بعبارة أوضح: إذا حكم العقل بقبح الظلم عند الشارع، هل يلزم حكم الشارع بحرمته أم لا؟
و كذا إذا حكم العقل بحسن العدل عند الشارع؛ هل يستكشف منه وجوب العدل عند الشارع أم لا؟