الوضع للأعم لا صلاة صحيحة. و من نحو: «لا صلاة لحاقن» لا صلاة كاملة بناء على قيام الدليل إن الحاقن لا تفسد صلاته ... و هكذا.
و هذه القرينة- و هي قرينة مناسبة الحكم للموضوع- لا تقع تحت ضابطة معينة، و لكنها موجودة على الأكثر (1)، و يحتاج إدراكها إلى ذوق سليم.
تنبيه و تحقيق
ليس من البعيد أن يقال: إن المحذوف في جميع مواقع (لا) التي هي لنفي الجنس هو كلمة موجود أو ما هو بمعناها، غاية الأمر: أنه في بعض الموارد تقوم القرينة على عدم إرادة نفي الوجود و التحقق حقيقة، فلا بد حينئذ من حملها على نفي التحقق ادعاء و تنزيلا بأن ننزل الموجود منزلة المعدوم باعتبار عدم حصول الأثر المرغوب فيه أو المتوقع منه (2). يعني: يدعى إن الموجود الخارجي ليس من أفراد الجنس الذي تعلق به النفي تنزيلا، و ذلك لعدم حصول الأثر المطلوب منه (3)، فمثل: «لا علم إلا بعمل» معناه: إن العلم بلا عمل كلا علم إذ لم تحصل الفائدة المترقبة منه، و مثل: «لا إقرار لمن أقر بنفسه على الزنا» معناه: إن إقراره كلا إقرار باعتبار عدم نفوذه عليه، و مثل:
«لا سهو لمن كثر عليه السهو» معناه: إن سهوه كلا سهو باعتبار عدم ترتب آثار السهو عليه من سجود أو صلاة أو بطلان الصلاة.
هذا إذا كان النفي من جهة تكوين الشيء (4)، و أما إذا كان النفي راجعا إلى عالم التشريع (5)، فإن كان النفي متعلقا بالفعل دل نفيه على عدم ثبوت حكمه في
(1) قول المصنّف: «على الأكثر ...» إشارة إلى أن مناسبة الحكم للموضوع قد تكون غير موجودة فيكون الأمر مجملا.
(2) كما في مثال: لا علم إلا بعمل. فهنا نزل العلم الموجود منزلة المعدوم أي: منزلة لا علم؛ باعتبار عدم حصول الأثر المرغوب فيه و هو العمل به.
(3) يعني: يدعى أن العلم بلا عمل ليس من أفراد الجنس، و هو العلم ادعاء و تنزيلا، لعدم حصول الأثر المترتب عليه و هو العمل به.
(4) فإن العلم و الإقرار و كذا السهو في الأمثلة الثّلاثة موجودة تكوينا، و إنّما نزلها منزلة عدم الوجود باعتبار عدم ترتب الأثر عليها.
(5) في مثل «لا غيبة لفاسق». هنا لم يرد أن ينفيها تكوينا، و إنّما أراد أن ينفيها شرعا، أي: عدم حرمة غيبة الفاسق، لا إنّه يريد أن يقول: الغيبة كلا غيبة كما في الأمثلة الثّلاثة الأولى.