عرّفوا المجمل اصطلاحا: (بأنه ما لم تتضح دلالته)، و يقابله المبين. و قد ناقشوا هذا التعريف بوجوه لا طائل في ذكرها.
و المقصود من المجمل- على كل حال- ما جهل فيه مراد المتكلم و مقصوده إذا كان لفظا، و ما جهل فيه مراد الفاعل و مقصوده إذا كان فعلا. و مرجع ذلك: إلى أن المجمل هو اللفظ أو الفعل الذي لا ظاهر له. و عليه: يكون المبين ما كان له ظاهر يدل على مقصود قائله أو فاعله على وجه الظن أو اليقين، فالمبين يشمل الظاهر (1) و النص معا.
و من هذا البيان نعرف: أن المجمل يشمل اللفظ و الفعل اصطلاحا، و إن قيل أن المجمل اصطلاحا مختص بالألفاظ، و من باب التسامح يطلق على الفعل. و معنى كون الفعل مجملا: أن يجهل وجه وقوعه، كما لو توضأ الإمام (عليه السلام)- مثلا- بحضور واحد يتقي منه أو يحتمل أنه يتقيه، فيحتمل أنه وقع على وجه الامتثال للأمر الواقعي فيستكشف منه مشروعيته. و مثل: ما إذا فعل الإمام شيئا في الصلاة كجلسة الاستراحة- مثلا- فلا يدري أن فعله كان على وجه الوجوب أو الاستحباب، فمن هذه الناحية يكون مجملا، و إن كان من ناحية دلالته على جواز الفعل في مقابل الحرمة يكون مبينا.
و أما اللفظ: فإجماله يكون لأسباب كثيرة قد يتعذر إحصاؤها (2): فإذا كان مفردا فقد يكون إجماله لكونه لفظا مشتركا و لا قرينة على أحد معانيه كلفظ (عين)،
(1) معنى المجمل و المبين: قول المصنّف: بأن المبين يشمل الظاهر أيضا فيه خلاف، حيث أن الأخباريين ينكرون أن للقرآن ظهورا. فعليه: المبين لا يشمل إلا النص عند الأخباريين.
(2) راجع بحث المغالطات اللفظية من الجزء الثّالث من كتاب المنطق للمؤلف 143 تجد ما يعينك على إحصاء أسباب إجمال اللفظ. (المصنّف).