و المختار كفاية الاطمئنان. و الذي يهون الخطب في هذه العصور المتأخرة: أن علماءنا (قدس الله تعالى أرواحهم) قد بذلوا جهودهم على تعاقب العصور في جمع الأخبار و تبويبها و البحث عنها و تنقيحها في كتب الأخبار و الفقه، حتى أن الفقيه أصبح الآن يسهل عليه الفحص عن القرائن بالرجوع إلى مظانها المهيأة، فإذا لم يجدها بعد الفحص يحصل له القطع غالبا بعدمها.
7- تعقيب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده (1)
قد يرد عام ثم ترد بعده جملة فيها ضمير يرجع إلى بعض أفراد العام بقرينة خاصة. مثل قوله تعالى (2: 228): وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ...
إلى قوله: وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَفإن المطلقات عامة للرجعيات و غيرها، و لكن الضمير في بعولتهن يراد به خصوص الرجعيات.
فمثل هذا الكلام يدور فيه الأمر بين مخالفتين للظاهر، إما:
1- مخالفة ظهور العام في العموم، بأن يجعل مخصوصا بالبعض الذي يرجع إليه الضمير.
و إما: 2- مخالفة ظهور الضمير في رجوعه إلى ما تقدم عليه من المعنى الذي دل عليه اللفظ؛ بأن يكون مستعملا على سبيل الاستخدام (2) فيراد منه البعض، و العام
تعقيب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده: (1) هل تعقب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده يوجب تخصيصه به أو لا؟ فيه خلاف بين الأعلام، فذهب جماعة إلى التخصيص، و آخرون كالشّيخ و العلامة و الحاجبي إلى العدم، و غيرهم إلى التوقف.
توضيح محل النزاع: مورد البحث هو إذا جاءنا عام و تعقبه ضمير يرجع إلى بعض أفراد ذلك العام، بشرط أن يكون العام له حكم مستقل، و كذلك الكلام المشتمل على الضمير له حكم مستقل سواء كان العام و الضمير في كلامين، كقوله تعالى: وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ. و قوله تعالى: وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ، أم في كلام واحد، كقوله: «أكرم العلماء و واحدا من أصدقائهم» مع فرض عود الضمير إلى خصوص العدول منهم، فكأنه قيل: «أكرم العلماء و واحدا من أصدقاء العلماء العدول».
(2) ما معنى الاستخدام؟ معنى الاستخدام: أن يعود الضمير إلى شيء و يراد به شيء آخر، و مثلوا له بقول القائل:
إذا نزل السماء بأرض قوم* * * رعيناه و إن كانوا غضابا
فضمير «رعيناه» يعود إلى السماء، و المراد به واقعا النبات. و مثل هذا يسوغ على المجاز لعلاقة النبات