فيكون فرد واحد فقط- على البدل- موضوعا للحكم، فإذا امتثل في واحد سقط التكليف، نحو: أعتق أية رقبة شئت.
فإن قال قائل: إنّ عدّ هذا القسم الثّالث من أقسام العموم فيه مسامحة ظاهرة؛ لأن البدلية تنافي العموم، إذ المفروض: أن متعلق الحكم أو موضوعه ليس إلا فرادا واحدا فقط.
نقول في جوابه: العموم في هذا القسم معناه: عموم البدلية، أي: صلاح كل فرد لأن يكون متعلقا أو موضوعا للحكم. نعم إذا كان استفادة العموم من هذا القسم بمقتضى الإطلاق، فهو يدخل في المطلق لا في العام.
و على كل حال، إن عموم متعلق الحكم لأحواله و أفراده إذا كان متعلقا للأمر الوجوبي أو الاستحبابي، فهو على الأكثر من نوع العموم البدلي (1).
[تفصيل مباحث العام و الخاص]
إذا عرفت هذا التمهيد، فينبغي أن نشرع في تفصيل مباحث العام و الخاص في فصول:
(1) هذه العبارة إشارة إلى أن الغالب في الواجبات: أن يكون العموم بدليا، و الغالب في المحرمات: أن يكون العموم استغراقيا انحلاليا، و ذلك لأن وجود الطبيعة يكفي في تحققها الفرد الواحد، و إعدامها لا يتحقق إلا بإعدام الأفراد كلها.
الفائدة الأوّلى: إن استيعاب المدلول للفظ وضعا تارة: يكون مفادا بنحو المعنى الاسمي كما في مثل: «كل، و جميع، و كافة، و عموم» و نحوها من الألفاظ الموضوعة لغة لنفس معنى الاستيعاب، و الشمول، و العموم، بشهادة المعاملة معها معاملة الاسم كجعلها مبتدأ مثلا في الجملة.
و أخرى: يكون مفادا بنحو المعنى الحرفي كما في هيئة الجمع المحلى باللام بناء على دلالتها على العموم، فإنها كغيرها من الهيئات، و الأدوات وضعت لمعان غير مستقلة.
الفائدة الثّانية: إن الاستيعاب تارة: يستفاد بحسب مرحلة المدلول اللفظي للدليل كما في (أكرم كل عالم) بناء على وضع كلمة (كل) لغة للاستيعاب.
و تارة: يستفاده بحسب مرحلة التحليل العقلي، و نقصد بها مرحلة تطبيق العنوان على معنونه خارجا كما في قولنا: (أكرم العالم)، حيث إن اللفظ لا يدل وضعا و لغة على أكثر من جعل الحكم على طبيعي العالم بحسب مرحلة الجعل؛ إلا أنّه بلحاظ الخارج و مرحلة المجعول يطبق الحكم على كل مورد يتحقق فيه العالم خارجا، و العموم هو النوع الأوّل من الاستيعاب، و الثّاني هو الإطلاق.