غير أن يتوقف صدق الكلام أو صحته عليها، و إنما سياق الكلام ما يقطع معه بإرادة ذلك اللازم أو يستبعد عدم إرادته. و بهذا تفترق عن دلالة الاقتضاء لأنها كما تقدم يتوقف صدق الكلام أو صحته عليها. و لدلالة التنبيه موارد كثيرة نذكر أهمها:
1- ما إذا أراد المتكلم بيان أمر فنبه عليه بذكر ما يلازمه عقلا أو عرفا، كما إذا قال القائل: (دقت الساعة العاشرة)، مثلا، حيث تكون الساعة العاشرة موعدا له مع المخاطب لينبهه على حلول الموعد المتفق عليه. أو قال: (طلعت الشمس) مخاطبا من قد استيقظ من نومه حينئذ، لبيان فوات وقت أداء صلاة الغداة. أو قال: (إني عطشان) للدلالة على طلب الماء.
و من هذا الباب: ذكر الخبر لبيان لازم الفائدة، مثل: ما لو أخبر المخاطب بقوله:
(إنك صائم) لبيان أنه عالم بصومه. و من هذا الباب أيضا: الكنايات إذا كان المراد الحقيقي مقصودا بالإفادة من اللفظ، ثم كنّى به عن شيء آخر.
2- ما إذا اقترن الكلام بشيء يفيد كونه علة للحكم أو شرطا أو مانعا أو جزء، أو عدم هذه الأمور، فيكون ذكر الحكم تنبيها على كون ذلك الشيء علة أو شرطا أو مانعا أو جزء أو عدم كونه كذلك.
مثاله قول المفتي: (أعد الصلاة) لمن سأله عن الشك في أعداد الثنائية، فإنه يستفاد منه: أن الشك المذكور علة لبطلان الصلاة و للحكم بوجوب الإعادة.
مثال آخر قوله (عليه السلام): «كفّر» لمن قال له: واقعت أهلي في نهار شهر رمضان، فإنه يفيد: أن الوقاع في الصوم الواجب موجب للكفارة.
و مثال ثالث: قوله: (بطل البيع) لمن قال له: (بعت السمك في النهر)، فيفهم منه:
اشتراط القدرة على التسليم في البيع.
و مثال رابع قوله: (لا تعيد) لمن سأل عن الصلاة في الحمام، فيفهم منه عدم مانعية الكون في الحمام للصلاة ... و هكذا.
3- ما إذا اقترن الكلام بشيء يفيد تعيين بعض متعلقات الفعل، كما إذا قال القائل: (وصلت إلى النهر و شربت)، فيفهم من هذه المقارنة: إن المشروب هو الماء و إنه من النهر. و مثل ما إذا قال: (قمت و خطبت) أي: و خطبت قائما ... و هكذا.
3- دلالة الإشارة
و يشترط فيها- على عكس الدلالتين السابقتين- ألا تكون الدلالة مقصودة