2- ما يعمّ القصر و الاستثناء الذي لا يسمى قصرا بالاصطلاح، نحو فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا.و المقصود به هنا هو هذا المعنى الثّاني.
اختلاف مفهوم الحصر باختلاف أدواته:
إن مفهوم الحصر يختلف حاله باختلاف أدوات الحصر كما سترى، فلذلك كان علينا أن نبحث عنها واحدة واحدة، فنقول:
1- (إلا). و هي تأتي لثلاثة وجوه:
2- صفة بمعنى غير.
3- استثنائية.
4- أداة حصر بعد النفي.
أما (إلا الوصفية): فهي تقع وصفا لما قبلها كسائر الأوصاف الأخرى.
فهي تدخل من هذه الجهة في مفهوم الوصف، فإن قلنا هناك: أن للوصف مفهوما فهي كذلك، و إلا فلا. و قد رجحنا فيما سبق إن الوصف لا مفهوم له، فإذا قال المقر مثلا: «في ذمتي عشرة دراهم إلا درهم» بجعل «إلا درهم» وصفا، فإنه يثبت في ذمته تمام العشرة الموصوفة بأنها ليست بدرهم (1). و لا يصح أن تكون استثنائية لعدم نصب درهم. و لا مفهوم لها حينئذ فلا تدل على عدم ثبوت شيء آخر في ذمته لزيد.
و أما «إلا الاستثنائية»: (2) فلا ينبغي الشك في دلالتها على المفهوم، و هو انتفاء
(1) فالدرهم موصوفة بأنّها غير درهم فلم يحصل استثناء شيء من العشرة فتثبت بتمامها.
مفهوم الاستثناء:
(2) إذا قال المتكلم: «أكرم الفقراء إلا الفساق» أو «لا يجب تصديق المخبر إلا الثقة» هل للاستثناء مفهوم أم لا؟
الجواب: لا شك في أنها تدل بالوضع اللغوي أو الظهور العرفي على أن حكم المستثنى مخالف لحكم المستثنى منه في السلب و الإيجاب. و الدليل على ذلك: هو التبادر. إذا: لا شك في استفادة أن وجوب الإكرام- الذي هو حكم المستثنى منه- غير ثابت للفساق الذي هو المستثنى لأنه يدل على الركن الأول و هو التوقف، فإن عدم ثبوت الوجوب للفساق معناه: أن وجوب الإكرام موقوف على عدم الفسق، و إنما الإشكال في ثبوت الركن الثاني- و هو انتفاء طبيعي الحكم عن الفساق- فهل هو ثابت حتى يكون المفهوم ثابتا أو لا؟ و بتعبير آخر: هل يستفاد أن وجوب الإكرام بجميع الملاكات منتف عن الفساق- فلا يجب إكرامهم حتى لو كانوا مرضى هاشميين أو غير ذلك- أو يستفاد فقط