المقصود بالوصف هنا: ما يعم النعت و غيره، فيشمل الحال (1) و التمييز (2) و نحوهما مما يصلح أن يكون قيدا لموضوع التكليف. كما أنه يختص بما إذا كان معتمدا على موصوف، فلا يشمل ما إذا كان الوصف نفسه موضوعا للحكم نحو:
وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما،فإن مثل هذا يدخل في باب مفهوم اللقب.
من ذكر القيد بيان أن هذا الحكم الشخصي ثابت لهذا الحكم الشخصي و هو أن الحكم الموقوف عليهم خصوص طلاب المتهجدين فقط و غير ثابت لغيرهم، و هذا لا ينافي ثبوت حكم آخر في الموقوف عليهم على غير المتهجدين. و المفهوم كما قلنا سابقا هو انتفاء سنخ طبيعي الحكم. و هنا بذكر القيد أقصى ما يستفاد منه أن شخص هذا الحكم موضوعه خاص، و لا يدل على إنه لا يوجد حكم آخر تثبت له الوقفية.
- من الأمور التي استدل على ثبوت المفهوم للوصف أيضا- و هذا المورد منسوب إلى الشّيخ البهائي- و حاصله: أن حمل المطلق على المقيد يشهد بثبوت المفهوم للوصف. فلو لم يكن للوصف مفهوم لما صح حمل المطلق على القيد فلو قيل: «أعتق رقبة» كان مقتضاه إجزاء كل رقبة و إن كانت كافرة و إذا قال: «أعتق رقبة مؤمنة» كان المفهوم عدم إجزاء الرقبة إن كانت كافرة، و هذا المفهوم يقيد إطلاق الرقبة، فلو لم يكن للوصف مفهوم لم يحصل التنافي الموجب لحمل المطلق على المقيد.
- أجاب صاحب الكفاية على هذا الاستدلال قائلا: إن حمل المطلق على المقيد ليس لأجل دلالة الوصف على المفهوم بل لأجل كون المطلوب صرف الوجود من الطبيعة، لا مطلق الوجود، فدليل التقييد قرينة على المراد، و إن موضوع الحكم ليس مطلقا، بل هو مقيد بقيد الإيمان في المثال المزبور، فبانتفاء القيد ينتفي شخص الحكم عن موضوعه، و قد مر أن انتفاءه عن موضوعه عقلي، و أجنبي عن المفهوم الذي هو انتفاء سنخ الحكم، فالتنافي بين المطلق و المقيد الموجب للتقييد ناش عن كون الموضوع صرف الوجود المنطبق على أول الوجود، سواء كان مؤمنا أم كافرا على ما يقتضيه الأمر بالمطلق كالرقبة، و دليل القيد يدل على تقيد المطلق بقيد بحيث لا يسقط الأمر بفاقد القيد.
فوجه حمل المطلق على المقيد هو: تضيق دائرة الموضوع، و مطلوبية صرف الوجود الواجد للقيد، فالفاقد له غير محكوم بحكم الواجد، لعدم كونه موضوعا، فانتفاء الحكم عن الفاقد أجنبي عن المفهوم.
- فالنتيجة: أن باب تقييد الإطلاقات أجنبي عن مفهوم الوصف، و ليس دليلا على ثبوت المفهوم للوصف [1].
(1) و مثاله: أكرم زيدا راكبا.
(2) و مثاله: اشتر قفيز بر.
[1] راجع: منتهى الدراية في شرح الكفاية، ج 3، ص 403.