و لذا لا يشتق (1) منه فلا يقال: (أمر. يأمر. آمر. مأمور) بالمعنى المأخوذ من الشيء، و لو كان معنى حدثيا لاشتق منه.
بخلاف الأمر بمعنى الطلب، فإن المقصود منه: المعنى الحدثي و جهة الصدور، و الإيجاد، و لذا يشتق منه فيقال: (أمر. يأمر. آمر. مأمور).
و الدليل على أن لفظ الأمر مشترك بين معنيين: الطلب و الشيء، لا إنه (2) موضوع للجامع بينهما:
1- إن (الأمر)- كما تقدم- بمعنى الطلب يصح الاشتقاق منه، و لا يصح الاشتقاق منه بمعنى الشيء. و الاختلاف بالاشتقاق و عدمه دليل على تعدد الوضع.
2- إن (الأمر) بمعنى الطلب: يجمع على «أوامر»، و بمعنى الشيء على «أمور»، و اختلاف الجمع في المعنيين دليل على تعدد الوضع (3).
2- اعتبار العلو في معنى الأمر (4)
قد سبق أن الأمر يكون بمعنى الطلب، و لكن لا مطلقا بل بمعنى طلب
أخرى، و هذا ما يعبر عنه باسم المصدر، و هو الذي لم يلحظ فيه عملية الصدور و الحدوث، بمعنى: أن النظر منصب على النتيجة أي: نتيجة الاغتسال، و هو الغسل.
و تارة نلحظه بما هو صادر من ذات، و هذا ما يعبر عنه بالمصدر، و هو الذي لوحظ فيه عملية الصدور و الحدوث كالاغتسال و التوضؤ و غيرها.
و الأوّل أعني: الفعل الملاحظ بما هو في نفسه، كالغسل هو الذي يستعمل فيه لفظ الأمر بمعنى الشيء، و هو لا يشتق منه، بخلاف الثّاني أعني: الفعل الملاحظ فيه جهة الصدور، فإنه يكون معنى حدثيا و يشتق منه، و لا يستعمل فيه لفظ الأمر.
(1) لأن معنى اسم المصدر كالوضوء لا يشتق منه كما أوضحناه.
(2) الضمير راجع إلى الأمر.
(3) و الفرق بين ما يجمع على أوامر، و بين أمور هو: إذا كان عندنا في الخارج عدة أشياء مثلا:
كتاب، و قلم، و حبر يطلق على هذه الأشياء أمور، بينما إذا صدرت عدة طلبات، بأن مثلا: طلب المولى العرفي من عبده أن يشتري لحما، و سكينا، و ملحا، يطلق على هذه الطلبات أوامر.
اعتبار العلو في الأمر: (4) قال أستاذنا فضيلة الشّيخ هادي آل الشّيخ راضي «حفظه الله» في هذا المطلب بما يلي: «اختلف العلماء في اعتبار العلو، أو الاستعلاء، أو الجامع بينهما في صدق الأمر. و التحقيق: أن هذا البحث تارة:
يساق بلحاظ الطاعة، و حينئذ: لا ينبغي الإشكال في اعتبار العلو الحقيقي، و لكن يحكم العقل بلزوم طاعة الأمر سواء كان بلسان الاستعلاء، أو بلسان مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً. و أخرى: يساق