و يفرض الانقضاء بزوال فعلية القيام عنه. و أما اتصافه بأنه عالم بالنحو (1) أو أنه قاضي البلد فليس بمعنى: أنه يعلم ذلك فعلا أو أنه مشغول بالقضاء بين الناس فعلا، بل بمعنى أن له ملكة العلم أو منصب القضاء، فما دامت الملكة أو الوظيفة موجودتين فهو متلبس بالمبدإ حالا و إن كان نائما أو غافلا. نعم يصح أن نتعقل الانقضاء إذا زالت الملكة أو سلبت عنه الوظيفة، و حينئذ: يجري النزاع في أن وصف القاضي- مثلا- هل يصدق حقيقة على من زال عنه منصب القضاء؟
و كذلك الحال في مثل: النجار و الخياط و المنشار، فلا يتصور فيها الانقضاء إلا بزوال حرفة النجارة و مهنة الخياطة و شأنية النشر في المنشار.
و الخلاصة: إن الزوال و الانقضاء في كل شيء بحسبه، و النزاع في المشتق إنما هو في وضع الهيئات، مع قطع النظر عن خصوصيات المبادئ المدلول عليها بالمواد التي تختلف اختلافا كثيرا.
4- استعمال المشتق بلحاظ حال التلبس حقيقة (2)
اعلم أن المشتقات التي هي محل النزاع بأجمعها هي من الأسماء (3).
(1) 3- اختلاف المشتقات من جهة المبادئ:
إذا قلت: «زيد عالم» فإن زيدا مع العلم يوجد اتحاد بينهما، فإن العلم حال في زيد. و مثال آخر: «زيد أبيض» فإنه يوجد اتحاد بينهما و لكن بنحو هل البياض في زيد هنا يسمى اتحادا حلوليا؟ فإن البياض و العلم و المرض و الحسن و القبح، نحوها، فإن اتصاف الذوات بها و اتحادها معها يكون بنحو الحلول.
(2) في هذا البحث نفرق بين ما يسمى بحال التلبس، و ما يسمى بحال الإسناد، و ما يسمى بحال التكلم و النطق.
فحال التلبس: هو عبارة عن الحال الذي تتلبس فعليا، و لنفترض في يوم الجمعة تلبست الذات بالضرب فعلا فهذا يسمى بحال التلبس.
و أما حال الإسناد: هو عبارة عن إسناد المشتق إلى الذات.
و أما حال النطق أو حال الكلام: و هذا عبارة عن وقت التلفظ و النطق.
و ببيان أوضح نقول: قد يحصل الضرب من زيد في يوم الأربعاء فحال تلبس زيد بكونه ضاربا في يوم الأربعاء. و أما حال الإسناد: فحاله قد يجتمع مع حال التلبس، و ذلك إذا أسند الضرب إلى زيد في يوم الأربعاء بأن قلت: زيد ضارب يوم الأربعاء، و قد يفترق عنه، و ذلك إذا أسند الضرب إلى زيد في يوم الخميس مثلا بأن قلت: زيد ضارب يوم الخميس فحال الإسناد هو يوم الخميس، بينما حال التلبس هو يوم الأربعاء، كما أن حال النطق قد يجتمع مع حال التلبس، و قد يفترق عنها.
(3) و علة خروج الأفعال عن محل النزاع هو: إن الأفعال لا تحمل على الذات فلا نزاع فيها.