النبوة، و انحاز بنو المطلب بن عبد مناف إلى أبى طالب فى شعبه مع بنى هاشم، و خرج أبو لهب إلى قريش يظاهرهم على بنى هاشم، و بنى المطلب، و قطعوا عنهم الميرة و المادة، فكانوا لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم، حتى بلغهم الجهد، و سمعت أصوات صبيانهم من وراء الشعب، فمن قريش من سره ذلك، و منهم من ساءه، و قالوا: انظروا ما أصاب بغيض بن عامر.

فأقاموا فى الشعب ثلاث سنين، ثم أطلع اللّه رسوله على أمر صحيفتهم، و أن الأرضة أكلت ما كان فيها من ظلم و جور، و بقى ما كان فيها من ذكر اللّه. فأخبرهم أبو طالب، فأرسلوا إلى الصحيفة فوجدوها كما قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، و تلاوم رجال من قريش، فلبسوا السلاح، ثم خرجوا إلى بنى هاشم و بنى المطلب، فأمروهم بالخروج إلى مساكنهم، ففعلوا، و كان خروجهم من الشعب فى السنة العاشرة، و قيل: مكثوا فى الشعب سنتين‌ [1].

موت أبى طالب و خديجة ثم خروج النبي (صلى اللّه عليه و سلم) إلى الطائف ثم رجوعه إلى مكة [2]

مات أبو طالب فى السنة العاشرة من البعث، و قيل: فى التاسعة بعد الخروج من الشعب، و له سبع و ثمانون سنة [3].

و ماتت خديجة، فنالت قريش من النبي (صلى اللّه عليه و سلم) ما لم تكن تنال فى حياة أبى طالب، فخرج إلى الطائف‌ [4] هو و زيد بن حارثة، و ذلك فى ليال بقين من شوال سنة عشر [ص/ 19] من النبوة، و قيل غير ذلك، فأقام بالطائف لا يدع أحدا من أشرافهم إلا

[1] الخبر فى الدرر فى اختصار المغازى و السير لابن عبد البر ص 53، 54، و فى الطبقات الكبرى لابن سعد 1/ 1/ 139، 140، و دلائل النبوة للبيهقي 2/ 312، 313.

[2] راجع خبر موت أبى طالب و السيدة خديجة فى السيرة النبوية لابن هشام 2/ 57، و الطبقات الكبرى لابن سعد 1/ 1/ 141، و تاريخ الطبرى 2/ 343، و إمتاع الأسماع للمقريزى ص 28

[3] قال الطبرى فى تاريخه 2/ 343: قبل هجرته إلى المدينة بثلاث سنين. و قال ابن قتيبة فى كتاب" المعارف" ص 121: و توفى أبو طالب قبل أن يهاجر رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) إلى المدينة بثلاث سنين و أربعة أشهر.

[4] انظر فى خروج النبي (صلى اللّه عليه و سلم) إلى الطائف: السيرة النبوية لابن هشام 2/ 60، و الطبقات الكبرى لابن سعد 1/ 1/ 141، 142، و تاريخ الطبرى 2/ 344، و نهاية الأرب للنويرى 16/ 279، و جوامع السيرة النبوية لابن حزم ص 67.