اعلم أنّك ترى أنّهم عرّفوا الوضع بتعريفات فتارة عرّفوه بأنّ الوضع هو تعيين اللفظ للمعنى، و تارة تخصيص اللفظ بالمعنى، و تارة تنزيل اللفظ بمنزلة المعنى، و تارة الوضع هو نحو اختصاص للفظ بالمعنى و ارتباط خاص بينهما، كما قاله المحقّق الخراساني (رحمه اللّه). و لكن ما هو المهم هو فهم حقيقة الوضع فنقول بعونه تعالى مقدمة:
إنّ أهل المعقول قالوا بأنّ الوجودات أربعة: وجود في الأعيان، و وجود في الأذهان، و وجود في العبارة، و وجود في الكتابة. أمّا الوجود العيني- يعني الخارجي- و كذا الوجود الذهني فهما وجودان حقيقة، و لا إشكال فيهما و أمّا القسمان الأخيران فإطلاق الوجود عليهما يكون مجازا فالوجود الكتبي لزيد أو وجوده اللفظي ليس زيدا حقيقة، بل يطلق زيد على زيد المكتوب أو زيد الملفوظ بالعناية و المجاز، فإنّ حقيقة زيد الذي كتب في الكتاب ليس إلّا المركّب و القرطاس، فهذا الوجود الحقيقي للقرطاس و المركّب لا لزيد، فإطلاق زيد الحقيقي يكون عليه مجازا، و كذلك حال