فيما يمتاز كلّ علم عن علم آخر و ما يكون وجه الامتياز يكون ما قلنا من أنّها الوحدة الذاتية فيها، فنقول كما قلنا مختصرا بأنّ الناس بعد تعلّق غرضهم بفهم ما يعرض للأشياء الذي نعبّر عنه بالمحمولات، فحيث إنّ الأغراض مختلفة فواحد يتعلّق غرضه بكشف عوارض بدن الانسان مثلا، و واحد بعوارض الجسم مثلا، و واحد بعوارض الكلمة مثلا الى غير ذلك، و ليس غرض الكلّ متوجّها بالكلّ و لا يمكن للكلّ التفحّص و التفتيش عن كلّ من العوارض التي تلحق الأشياء، لعدم سعة العمر لذلك، فيصير كلّ واحد أو كلّ طائفة بمقام كشف عارض من عوارض شيء من الأشياء، و البحث و الجد في كشف عارض الشيء هو نفس العلم الذي يبحث عن عوارض الشيء، و الفن الذي معدّ له هو فنّ هذا الموضوع، فقهرا مع ميل الإنسان لكشف عارض أو عوارض من شيء أو أشياء و عدم تمكّنه من كشف الكلّ يتعلّق غرضه بخصوص ما يكون مائلا لكشفه فيرى أنّ موضوعات مختلفة تكون مؤثّرا في غرضه يعني يرى أنّ العارض الذي يكون في مقام كشفه هو حاصل في موضوعات متشتتة فيجمع هذه المتشتتات و يجعلها فنّا خاصا و علما مخصوصا؛ لأنّ نفس الموضوعات منها وحدتها ذاتية مع قطع النظر عن المحمولات و الأثر؛ لأنّ كلّا منها