نام کتاب : المحاسن و المساوي نویسنده : البيهقي، ابراهيم جلد : 1 صفحه : 347
و قلّ من جدّ في أمر يحاوله # فاستصحب الصّبر إلاّ فاز بالظّفر
و قال النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، لعائشة، رضي اللّه عنها: «عليك بالرفق فإن الرفق لا يخالط شيئا إلاّ زانه و لا يفارق شيئا إلاّ شانه، و خلق اللّه جلّ و عزّ السموات و الأرض في ستّة أيّام و لو شاء جلّ و عزّ قال لها كوني فكانت» ، و في المثل: ربّ عجلة تهب ريثا، يقول: ربّ عجلة يراد بها صلاح الأمر فتفسده حتى لا يصلح إلاّ بعد مدّة طويلة، فكأنّها كانت ريثا. و هذا قريب من قول بزرجمهر: أنّ شرّا من التّواني الاجتهاد في غير حينه. و أنشدنا ابن حمزة:
الخرق شؤم و الأناة سعادة # فاستأن حلمك في أمورك تسلم
و كان يقال: إنّ من الحزم الأناة و التثبيت فإنّ العجلة لا تزال تورث أهلها حسرة و ندامة.
و أنشد:
الرّفق يمن و الأناة سعادة # فاستأن في رفق تلاق نجاحا
مساوئ العجلة و الحدة
قيل: سأل المأمون أحمد بن أبي خالد عن أخلاق أبي عباد ثابت الكاتب فقال: هو يا أمير المؤمنين أحدّ من سيف سعيد بن العاص و أنزق من مجنون البكرات، قال: ما أتبيّن ذلك فيه. قال: لموضع الخلافة و على ذاك فإن حركته تحرّك. فأراد المأمون أن يمتحنه فدخل عليه فعرض ما معه من الحوائج فأمره أن يوقع فيها ثمّ خرج.
فلمّا صار بالباب قال: ردّوه. فرجع. فقال: افعل في الأهوازيّين ما قلت لك و لا تعرض فيه رقعة. قال: نعم. ثمّ خرج. فلمّا صار بالباب قال: ردّوه. فأتاه الرسول فقال: ارجع.
فرجع. فقال: قلّ لعمرو بن مسعدة أخّر أمر أبي دلف حتى آمرك بما أريد. ثمّ خرج. فلمّا صار بالباب قال: ردّوه. فأتاه الرسول فقال: ارجع. فتناول الدواة و قال: الساعة و اللّه أضرب بها وجهك القبيح يا ابن الخبيثة!قال الغلام: ما ذنبي؟
قال: ينبغي أن تقول قد ذهب إلى النار. و رجع فقال: ارفع في غد فيما تعرض قصّة الهاشميّين. قال: نعم. ثمّ قال: و اللّه لا أرجع بعدها!فضحك المأمون حتى أمسك بطنه و قال: انطلق راشدا.
قال: و قعد المأمون ذات يوم و أبو عباد يكتب بين يديه إذ دخلت شعرة بين سنّي القلم فأهوى لإخراجها بأسنانة ثمّ كتب فإذا هي على حالها، فأهوى إليها ثانية فقطع طرفها و بقي أصلها ثمّ كتب فإذا هي قد أعمّت حروفه، فأخذ القلم فاتّكى عليه بأسنانه و كسره و قال: لعنك اللّه و لعن من يراك و لعن من أنت له!فضحك المأمون و قال: بحقّ قيل فيك ما قيل.
نام کتاب : المحاسن و المساوي نویسنده : البيهقي، ابراهيم جلد : 1 صفحه : 347