و قال أبو الدرداء: من هوان الدنيا على اللّه جلّ و عزّ أنّه لا يعصى إلا فيها و لا ينال ما عنده إلاّ بتركها.
و قيل: إذا أقبلت الدنيا على امرئ أعارته محاسن غيره، و إذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه.
ما قيل فيه من الشعر
قال الأصمعيّ: و وجد في قبّة لسليمان بن داود، عليه السلام، مكتوب:
و من يحمد الدّنيا لشيء يناله # فسوف لعمري عن قليل يلومها
إذا أدبرت كانت على النّاس حسرة # و إن أقبلت كانت كثيرا همومها
و كان إبراهيم بن أدهم ينشد:
نرقّع دنيانا بتمزيق ديننا # فلا ديننا يبقى و لا ما نرقّع
و قال أبو العتاهية:
يا من ترفّع بالدّنيا و زينتها # ليس التّرفّع رفع الطّين بالطّين
إذا أردت شريف القوم كلّهم # فانظر إلى ملك في زيّ مسكين
و لآخر:
هب الدّنيا تساق إليك عفوا # أ ليس مصير ذاك إلى الزّوال
فما ترجو بشيء ليس يبقى # وشيكا ما تغيّره اللّيالي
محمود الورّاق:
هي الدّنيا فلا يغررك منها # مخايل تستفزّ ذوي العقول
أقلّ قليلها يكفيك منها # و لكن ليس تقنع بالقليل
تشيد و تبتني في كلّ يوم # و أنت على التّجهّز و الرّحيل
و من هذا الّذي يبقي عليها # مضاربه بمدرجة السّيول
أيا دنيا حسرت لنا قناعا # و كان جمال وجهك في النّقاب
ديار طال ما حجبت و عزّت # فأصبح إذنها سهل الحجاب
و قد كانت لها الأيام ذلّت # فقد قرنت بأيّام صعاب
كأنّ العيش فيها كان ظلاّ # يقلّبه الزّمان إلى ذهاب