قال: و كان لرجل من التجار صاحب عينة على رجل من الجند مال فخرج عطاء الجند و لم يقض صاحبه.
فأرسل إليه التاجر غلاما يلزمه و على الغلام كساء أحمر فلزمه. فجعل الرجل يتلو:
وَ إِنْ كََانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلىََ مَيْسَرَةٍ [البقرة: 280]و الغلام يتلو: إِنَّ اَللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَمََانََاتِ إِلىََ أَهْلِهََا [النساء: 58]فلما طال ذلك على الرجل و اشتد إلحاح الغلام عليه أتى صاحبه فقال:
منع الرّقاد فما أغمّض ساعة # من غمّ تعذيب الكساء الأحمر
يتلو الّتي فيها الأمانة منهما # لؤما و أتلو آية المتيسّر
فضحك الرجل و وهب له ما كان عليه من دينه.
مساوئ الدّين
قال أبو اليقظان: كان الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب الشاعر يسلف الناس فإذا حل ماله ركب حمارا اسمه شارب الريح فيقف على غرمائه و يقول:
بني عمّنا ردّوا الدّراهم إنّما # يفرّق بين النّاس حبّ الدّراهم
و كان رجل من بني الدئل عسر القضاء فإذا تعلق به غرماؤه فر منهم و قال:
فلو كنت الحديد لكسّروني # و لكنّي أشدّ من الحديد
فأقرضه الفضل بن العباس، فلما كان قبل المحل جاء فبنى معلفا على باب داره، و كان يقال له عقرب. فلقي كل واحد منهما من صاحبه شدة فهجاه فقال:
قد تجرت في سوقنا عقرب # يا عجبا للعقرب التّاجره
قد ضاقت العقرب و استيقنت # ليس لها دنيا و لا آخره
فإن تعد ترجع بما ساءها # و كانت النّعل لها حاضره
كلّ عدوّ يتّقى مقبلا # و تتّقى شرّتها دابره
إنّ عدوّا كيده في استه # لغير ذي كيد و لا بادره
قال: و قدم أعرابيان غريما لهما إلى قاض، فحلف ثم قال:
أ لم تعلما أنّي طموح عنانه # و أنّي لا يقضي عليّ أمير
طمست الذي في الصّكّ مني بحلفة # سيغفرها الرّحمن و هو غفور
و لآخر: