وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيه ِ)[1] والآيات الدالة على وحدة الدين في جميع الأقطار والأعصار وعلى ألسنة جميع الأنبياء ، وإنّ اختلاف الشرايع من قبيل اختلاف الناقص والكامل كثيرة في القرآن الكريم .
والقول بوحدة الدين من حيث النوع يبتني على أساس القول بوحدة نوع الإنسان ، ووحدة المجتمعات الإنسانية في النوع من حيث إنّها واقعيّات عينيّة .
المجتمعات في المستقبل :
لنفترض أنّ المجتمعات والحضارات والثقافات ـ كما قلنا ـ متحدة النوع والماهية ، ولكنّها بلا ريب مختلفة في الكيفية والشكل والصبغة ، فكيف يكون وضعها في المستقبل ؟ هل تستمر هذه الثقافات والمجتمعات والقوميات في وضعها الحالي ، أم أنّ البشرية تسير نحو حضارة وثقافة موحّدة ومجتمع موحّد ، فتنتفي كل هذه الألوان الخاصة ، وتتلوّن كل هذه الأُمور بالصبغة الأصلية وهي صبغة الإنسانية ؟
هذه المسألة ترتبط أيضاً بالبحث عن ماهية المجتمع ، ونوع الروابط بين الروح الجماعية والروح الفردية . ومن الواضح أنّه بناءاً على نظرية أصالة الفطرة ، وأنّ الوجود الاجتماعي للإنسان وحياته الاجتماعية والروح الجماعية للمجتمع وسائل انتخبتها الفطرة الإنسانية للوصول إلى كمالها النهائي ، فلابد من القول بأنّ المجتمعات والحضارات والثقافات تسير نحو الاتحاد والاندماج ، وأنّ مستقبل المجتمعات البشرية هو المجتمع العالمي الموحّد المتكامل الذي تصل فيه جميع القيم البشرية