المحسوس ، ولا تستطيع أن تعبّر عن فكرةٍ تغييره ، وعن الروابط الخاصّة بين الأشياء المحسوسة ، التي يراد تعديلها أو تغييرها . فتوجد اللغة في حياة الإنسان إشباعاً لهذه الحاجة ، وإنّما وجدت في حياته وحده لأنّ الحيوان لم يشعر بمثل هذه الحاجة الإنسانية التي كانت وليدة العمل الاجتماعي القائم على أساس التفكير ، لتغيير الواقع المحسوس ، وإيجاد تعديلات حاسمة فيه .
ج ـ الدليل العلمي :
يسير التفسير العلمي لظواهر الكون المتنوّعة في خطٍ متدرّج ؛ فهو يبدأ بوصفه فرضية ، أي تفسيراً افتراضياً للواقع الذي يعالجه العالم ويحاول استكشاف أسراره وأسبابه ، ولا يصل هذا التفسير الافتراضي إلى الدرجة العلمية إلاّ إذا استطاع الدليل العلمي أن يبرهن وينفي إمكان أي تفسير آخر للظاهرة موضوعة البحث عداه . فما لم يقم الدليل على ذلك ، لا يصل التفسير المفترض إلى درجة اليقين العلمي ، ولا يوجد مبرّر لقبوله دون سواه من الافتراضات والتفاسير . فمثلاً قد نجد شخصاً معيّناً يلتزم في ساعة معيّنة بالعبور من شارع خاص . وقد نفترض لتفسير هذه الظاهرة : أنّ هذا الشخص يسلك هذا الطريق بالذات في كلّ يوم لأنّ له عملاً يومياً في معمل يقع في منتهى الشارع . وهذا الافتراض وإن كان يصلح لتفسير الواقع ، غير أن ذلك لا يعني قبوله ما دام من الممكن أن نفسّر سلوك هذا الشخص في ضوء آخر ؛ كما إذا افترضنا أنّه يزور صديقاً له يسكن بيتاً في ذلك الشارع . أو يراجع طبيباً يقطن في تلك المنطقة ؛ ليستشيره في حالة مرضية . أو يقصد مدرسة معيّنة تلقى فيها المحاضرات بصورة رتيبة .