ذكرنا من قبل أنّ المدارس الفكرية تختلف في نظرتها إلى العوامل المحرّكة في التاريخ .
بعضها يعتقد أنّ العامل المحرّك يتمثّل في الضغوط التي تتعرّض لها طبقة من قِبَل طبقة أُخرى ، وفي الرجعية الذاتية لطبقة والتقدمية الذاتية لطبقة أُخرى ، وبعضُها يرى أنّ هذا العامل يتمثّل في الفطرة السليمة التوّاقة للكمال والتطوّر البشري . وبعضُها يتبنّى عوامل أُخرى لحركة التاريخ .
العامل الذي تتبنّاه المدرسة الفكرية في حركة التاريخ ، يفرز مفاهيمَ معيّنة عن دوافع هذه الحركة ، وعن الموانع التي تقف بوجهها .
المدرسة التي تتبنّى الضغوط الطبقية باعتبارها العامل المحرّك للتاريخ ، تسعى إلى خلق هذه الضغوط في المجتمع الذي قد ينعدم فيه الاضطهاد الطبقي ، من أجل إنقاذ المجتمع من الركود والسكون ودفعه نحو الحركة .
يقول ماركس في بعض مؤلّفاته : ( من أجل أن توجد طبقة من الأحرار ؛ لا بدّ أن توجد إلى جانبها طبقة من العبيد ) .
ثم يقول : ( كيف يمكن إذن تحرير الشعب الألماني ؟ جوابنا هو أنّه لا بدّ من تشكيل طبقة مكبّلة بالقيود تماماً ) [1] .
[1] ماركس وماركسيسم ، ص 35 ( النص والحاشية ) من هنا نفهم أنّ الماركسية تناقض نفسها حين تقول : ( إنّ القوّة التي تمارسها الطبقة المسحوقة هي وحدها أخلاقية ؛ لأنّها تتّجه على مسيرة التكامل وتلعب دوراً في التطوّر . أمّا القوّة التي تمارسها الطبقة المسيطرة فهو غير أخلاقية ؛ لأنّها تصدّ الحركة ) .