غافلون عن أبعادِهِ الواسعة ؛ لذلك يتوصّلون في خاتمة أبحاثهم إلى نظريات معارضة لهذا المبدأ .
تفسير خاطئ لمنشأ الدين :
مثقفونا المبهورون بالمادية التاريخية ، يقعون في خطأ آخر حين يتحدثون عن نشأة الدين ومنطَلَقِه . لقد دارت بحوثنا السابقة عن منشأ الظواهر التاريخية في نظر الدين ( أي الإسلام طبعاً ) ونبحث الآن عن الدين نفسه باعتباره ظاهرة اجتماعية تاريخية كان لها وجود على أي حال ، منذ فجر التاريخ ، ولا بدّ من توضيح منشأ هذه الظاهرة الاجتماعية واتجاهها .
ذكرنا ـ من قبل مراراً ـ أنّ المادية التاريخية الماركسية تؤمن بمبدأ التطابق بين المنطلق والاتجاه في جميع الظواهر الحضارية .
العرفاء والحكماء يؤمنون بمبدأ ( النهايات هي الرجوع إلى البدايات ) بشأن الحركة العامة لنظام الوجود . . . والماركسية تؤمن بشيء مثلِ هذا في مجال الشؤون الفكرية والفنيّة والفلسفية والدينية ، وفي جميع الظواهر الحضارية الاجتماعية . أي إنّها تذهب إلى أنّ كل فكرة تتجه باتجاه منشئها ومنطلقها ، وليس ثمّة أفكار أو أديان أو ثقافات محايدة ، خالية من الاتجاه ، كما لا يمكن أن تكون ذات اتجاه يستهدف وضعاً اجتماعياً غيرَ الوضع الاجتماعي الذي انطلقت منه .
الماركسية تَرى أنّ لكلّ طبقة نوعاً معيّناً من الأفكار والأذواق ، ومن هنا فإنّ المجتمع الطبقي يسوده نوعان من الآلام ، ونوعان من الأفكار الفلسفية ، ونوعان من النظم الأخلاقية ، وشكلان من الفنون ، وطريقتان من الشعر والآداب ، ولونان من الأذواق والأحاسيس