الذي ننزله على موسى ) وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً . . . ) .
من هنا نفهم أنّ هذه الآية تشكّل مصداقاً من مصاديق آية الاستخلاف . ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال الاحتمال بأنّ المراد من الآية إمامة بني إسرائيل ووراثتهم للأرض لكونهم مستضعَفين حسب ، بقطع النظر عن اتّباع النبي المبعوث فيهم والتمسّك بالرسالة المنزلة إليهم .
فهم خاطئ لطبيعة الثقافة الإسلامية :
قد يَطرح أتباعُ الفهم المادي للإسلام مسألة أُخرى ترتبط بالثقافة الإسلامية ويقولون إنّ هذه الثقافة إمّا أن تكون ثقافة الطبقة المستضعَفة روحاً ومعنى ، وإمّا أن تكون ثقافة ، الطبقة المستكبرة ، أو أن تكون ثقافة جامعة .
لو كانت الثقافة الإسلامية ثقافة الطبقة المستضعفة ، للَزِم أن تنطبع بطابع طبقتها ، أي أن تدورَ في دعوتها ورسالتها واتجاهاتها حولَ محور المستضعَفين .
ولو كانت هذه الثقافة ثقافة طبقة المستكبرين ـ كما يدعّي أعداء الإسلام ـ لدارت حولَ محور تلك الطبقة ، ولأوضحت ثقافة رجعية معادية للبشرية وبعيدة بالضرورة عن الطابع الإلهي . وهذا ما لا يقبله أي مسلم إضافة إلى أنّه يتنافى مع كل محتويات هذه الثقافة .
يَبقى أن نقول إنّ الثقافة الإسلامية ثقافة جامعة ، أي إنّها ثقافة محايدة غير منتمية وغير ملتزمة وغير مسؤولة ، وإنّها ثقافة انعزالية تترك ما لله لله ، وما لَقيصر لَقيصر ، وإنّها ثقافة تستهدف المصالحة بين الماء