والجبهة المعارضة ، حين تعجز عن إقامة الحُجّة والدليل ، تقول كلمتها النهائية : ( إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) لأنّ هذه الرسالة تشكّل خطراً على مكانتهم الاجتماعية والطبقية .
الشبهة السادسة :
وأوضح من كل ما سبق موقف القرآن من الصراع بين المستضعفين والمستكبرين ، فالقرآن يؤكّد أنّ هذا الصراع سينتهي بانتصار المستضعَفين ، تماماً كما تؤكّد على ذلك المادية التاريخية استناداً إلى منطق الديالكتيك .
القرآن في موقفه هذا يشير في الحقيقة إلى الاتجاه الجبري والضروري للتاريخ ، مؤكّداً أنّ الطبقة التي تحمل الصفات الثورية ذاتياً ستنتصر في نضالها مع الطبقة التي تفرض عليها مكانتها الطبقية أن تكون رجعية ومتحجّرة بالذات : ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ )[1]( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأرض وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إسرائيل بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ )[2] .
وهذا المفهوم القرآني بشأن نهاية الصراع ، ينطبق تماماً مع المبدأ الذي استنتجناه من المادية التاريخية ؛ إذ قلنا إنّ الخصلة الذاتية للاستثمار هي الرجعية والتحجّر ، وهذه الخصلة محكومة بالفناء لا محالة ؛