فبرح الخفاء بحكمته البالغة، و سطعت أشعة الظهور ببلاغه المبين، و الحمد للّه ربّ العالمين.
و مع ذلك لم يقتصر صلّى اللّه عليه و آله على هذا المقدار من توضيح اختصاص الآية بهم عليهم السّلام، حتى أخرج يده من تحت الكساء فألوى بها الى السماء، فقال:
«اللّهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا»، يكرر ذلك و أم سلمة تسمع و ترى إذ كان نزول الآية و قضية الكساء في بيتها.
فقالت: و أنا معكم يا رسول اللّه، و رفعت الكساء لتدخل؛ فجذبه [1] من يدها
[1] أخرج الإمام أحمد بن حنبل في صفحة 323 من الجزء السادس من مسنده، عن أم سلمة، قالت: إنّ رسول اللّه (ص) قال لفاطمة: «ايتيني بزوجك و ابنيك»، فجاءت بهم، فألقى عليهم كساء فدكيا، ثم وضع يده عليهم، ثم قال:
«اللّهم إنّ هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك و بركاتك على محمد و على آل محمد إنّك حميد مجيد».
قالت: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي، و قال: «إنّك على خير» اه.
و هذا الحديث رواه بالإسناد الى أم سلمة أيضا أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره، و غير واحد من المفسرين و المحدّثين.
و أخرج الإمام أحمد من حديث أم سلمة في صفحة 292 من الجزء السادس من مسنده: أنّ رسول اللّه (ص) كان في بيتها، فأتته فاطمة ببرمة فيها حريرة، فقال لها: «ادعي زوجك و ابنيك».
قالت أم سلمة: فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون معه، و هو على منامة له، على دكان تحته كساء خيبري، قالت: و أنا أصلي في الحجرة، فأنزل اللّه عز و جل: «إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا».
قالت: فأخذ فضل الكساء فغشّاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها الى السماء، ثم قال:
«اللّهم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا».
قالت: فأدخلت رأسي البيت، فقلت: و أنا معكم يا رسول اللّه.
قال: «إنّك الى خير، إنّك الى خير»، اه.
و هذا الحديث أخرجه الإمام الواحدي في تفسير الآية من كتابه «أسباب النزول»، فراجع منه صفحة 412.-