نام کتاب : الكشكول نویسنده : الشيخ البهائي جلد : 1 صفحه : 9
2
خطبة الكتاب
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و به نستعين الحمد للّه الواحد المعين، و صلّى اللّه على سيدنا محمد و آله أجمعين. و بعد فإنّي لما فرغت من تأليف كتابي المسمى بالمخلاة، الذي حوى من كلّ شيء أحسنه و أحلاه، و هو كتاب كتب في عنفوان الشباب، قد لفقته و نسقته و أنفقت فيه ما رزقته، و ضمنته ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين:
من جواهر التفسير و زواهر التأويل، و عيون الأخبار و محاسن الآثار، و بدائع حكم يستضاء بنورها، و جوامع كلم يهتدي ببدورها، و نفحات قدسية تعطر مشام الأرواح و واردات انسية تحيي رميم الأشباح، و أبيات رائقة تشرب في الكئوس لسلاستها، و حكايات شائقة تمزج بالنفوس لنفساتها، و نفائس عرائس تشاكل الدرّ المنثور، و عقائل [1] مسائل تستحق أن تكتب بالنور على و جنات الحور، و مباحثات سديدة سنحت للخاطر الفاتر حال فراغ البال، و مناقشات عديدة سمح بها الطبع القاصر أيام الاشتغال، مع ترتيب أنيق لم اسبق إليه، و تهذيب رشيق لم ازاحم عليه، ثم عثرت بعد ذلك على نوادر تتحرك لها الطباع، و تهش لها الأسماع، و طرائف تسر المحزون، و تزري بالدر المخزون، و لطائف أصفى من رايق الشراب، و أبهى من أيام الشباب، و أشعار أعذب من الماء الزلال، و ألطف من السّحر الحلال، و مواعظ لو قرئت على الحجارة لانفجرت، او الكواكب لانتثرت، و فقر أحسن من ورد الخدود، و أرق من شكوى العاشق حال الصدود [2] ، فاستخرت اللّه تعالى، و لفقت كتابا ثانيا يحذو حذو ذلك الكتاب الفاخر، و يستبين به صدق المثل السائر: «كم ترك الأول للآخر» ..
و لما لم يتسع المجال لترتيبه، و لا وجدت من الأيام فرصة لتبويبه، جعلته كسفط [3] مختلط رخيصه بغاليه، او عقد انفصم سلكه فتناثرت لئاليه، و سميته: بالكشكول [4] ليطابق اسمه اسم أخيه [5] و لم أذكر شيئا مما ذكرته فيه، و تركت بعض صفحاته على بياضها لاقيد ما يسنح من الشوارد في رياضها كيلا يكون به عن سعة ذلك نكول، فإن السائل في معرض الحرمان إذا امتلأ الكشكول