أستودع اللّه في بغداد لي قمرا # بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه [1]
و دعته و بودي لو يودعني # صفو (طيب خ) الحياة و أنّي لا اودعه
كم قد تشفع بي أن لا افارقه # و للضّرورة حال لا تشفعه
و قد تشبث بي يوم الرّحيل ضحى # و أدمعي مستهلات [2] و أدمعه
لا أكذب اللّه ثوب الصّبر منخرق # عني بفرقته لكن ارقعه
إنّي اوسع عذري في جنايته # بالبين عني و جرمي لا يوسعه
رزقت ملكا فلم احسن سياسته # و كل من لا يسوس الملك يخلعه
و من غدا لابسا ثوب النّعيم بلا # شكر عليه فانّ اللّه ينزعه
اعتضت من وجه خلي بعد فرقته # كأسا اجرع منها ما اجرعه
كم قائل لي ذقت البين قلت له # الذنب و اللّه ذنبي لست أدفعه
أ لا أقمت فكان الرشد أجمعه # لو أنني يوم بان الرشد أتبعه
إني لأقطع أيامي و أنفدها # بحسرة منه في قلبي تقطعه
بمن إذا هجع النوام بت له # بلوعة منه ليلي لست أهجعه
لا يطمئنّ لجنبي مضجع و كذا # لا يطمئنّ له مذ بت مضجعه
ما كنت أحسب أنّ الدهر يفجعني # به و لا أنّ بي الأيام تفجعه
حتى جرى البين فيما بيننا بيد # عسراء [3] تمنعني حقي و تمنعه
قد كنت من ريب دهري جازعا فزعا # فلم أوق الذي قد كنت أجزعه
باللّه يا منزل العيش الذي درست # آثاره و عفت مذ بنت أربعة
هل الزمان معيد فيك عيشتنا؟ # أم الليالي الذي أمضته ترجعه
في ذمة اللّه من أصبحت منزله # و جاد غيث على مغناك يمرعه [4]
من عنده لي عهد لا يضيعه # كما له عهد صدق لا اضيعه
و من يصدّع قلبي ذكره و إذا # جرى على قلبه ذكري يصدّعه
لأصبرنّ لدهر لا يمتعني # به و لا بي في حال يمتعه
علما بأنّ اصطباري معقبا فرجا # فأضيق الضيق إن فكرت أوسعه
[1] الكرخ: محلة ببغداد، الأزرار جمع الزر و هو ما يجعل في العروة و هو معروف.
[2] استهلت العين: دمعته.
[3] العسراء: الضعيفة.
[4] المغنى: محل النزول، مرع المكان: أخصب.