معنى كون ما يستقلّ به العقل و ينفرد به [1]، كوجوب قضاء الدّين و ردّ الوديعة و حرمة الظّلم، و استحباب الإحسان، و نحو ذلك [2].
دليل حكم الشّرع، أنّه كما تبيّن عندنا معاشر الإماميّة وفاقا لأكثر العقلاء من أرباب الدّيانات، و غيرهم من الحكماء و البراهمة [3] و الملاحدة و غيرهم بالأدلّة القاطعة و البراهين السّاطعة، بل بالضّرورة الوجدانية التي لا يعارضها شبهة و ريبة، أنّ العقل يدرك الحسن و القبح، بمعنى أنّ بعض الأفعال بحيث يستحق فاعله من حيث هو فاعله المدح، و بعضها بحيث يستحقّ فاعله كذلك الذّم [4]، و إن لم يظهر من الشّرع خطاب فيه:
[1] مسألة حسن الانفعال و قبحها ثار النزاع فيها و احتدم الخلاف عليها، و كثر الكلام فيه و اشتهر به المعتزلة و الأشاعرة و طال و لا زال و كثر في الكتب الكلاميّة، و يتفرّغ منه مسألة معروفة بين الأصوليين بالملازمة، بمعنى الملازمة بين حكم العقل و الشرع، فقد تنازعوا فيها عن أقوال، فذهب الأكثرون و منهم المصنّف الى ثبوت الملازمة، و بعض الى نفيها، و بعض آخر أنكرها في الأحكام المتعلّقة بالفروع و أثبتها في الأصول.
[2] و كذا ذكره المحقّق في «المعتبر» 1/ 32، الشهيد في «الذكرى»، المقدمة، و غيرهما كما في «الوافية» ص 171.
[3] واحدهم برهمي، قوم لا يجوّزون على اللّه تعالى بعثه الرّسل، و هم طائفة من الهنود ينكرون الشّرائع و يحرّمون لحم الحيوان و لهم عقائدهم الخاصة.
[4] بيانه في معنى كون ما يستقلّ به العقل دليل حكم الشرع ليس على ما ينبغي لقصوره عن إفادة الملازمة و وضوحها كما هو المدّعى، و إنّما مفاده وضوح الحكم بكل من الأمرين على ما يقتضيه العنوان، و قد ذكر في «الفصول» ص 340 وجه أوجه.