كان أحد رؤساء عشائر الشام يُسمَّى : (جارية) وكان رجلاً قويَّاً صريح اللَّهجة ، وكان يُبطِن لمُعاوية حِقداً وعداءً . فسمع مُعاوية بذلك ، فأراد أنْ يحتقره أمام مَلأٍ مِن الناس ، ويجعل مِن اسمه وسيلة للاستهزاء به والسُّخرية منه ، وصادف أنْ التقيا في بعض المجالس ، فقال له مُعاوية :
ـ ما كان أهونك على قومك ؛ أنْ سمّوك جارية ؟
ـ وما كان أهونك على قومك ؛ إذ سمّوك مُعاوية ، وهي الأُنثى مِن الكِلاب .
ـ اسكُت لا أُمَّ لك !
ـ لي أُمٌّ ولدتني ! أمَّا والله ، إنَّ القلوب التي أبغضناك بها لبين جوانحنا ، والسيوف التي قاتلناك بها لفي أيدينا ، وإنَّك لم تُهلكنا قسوة ولم تملكنا عَنوة ... ولكنَّك أعطيتنا عهداً وميثاقاً ، وأعطيناك سَمعاً وطاعة ، فإنْ وَفَيت لنا وفَينا لك ، وإنْ نزعت إلى غير ذلك فإنَّا تركنا وراءنا رجالاً شِداداً وأسنَّة حِداداً .