و امّا المقام الاوّل و هو كون العقل حجّة برأسه اكتفى به الشارع فى بعض الاحكام، و لو لبعض العباد فهو و ان دلّ عليه بعض الاخبار مثل ما دل على انها الحجة بين اللّه و بين عباده الّا ان ذلك مما لم يثبت و لو ثبت فلم يثبت الّا فى حق من اطلع على اخبار اهل البيت- (عليهم السلام)- و هذا الشخص غالبا يطلع على ما ورد من ان لكل واقعة حكما مخزونا عند اهله.
و امّا ثبوت هذا المطلب بدليل غير تلك الاخبار من ادراك عقلى بحيث يكون حجية حكم العقل كنفس حكمه ضروريا حتى ينفع بالنسبة الى اهل الفترة و اشباههم ممن لم يطلع على ثبوت الاحكام اجمالا او تفصيلا، فان اريد به ورود التكليف الاصطلاحى على وجوب متابعته فلم يقم عليه دليل، و ان اريد ان العقل بعد ما حكم بقبح شيء على سبيل الجزم فلا محالة يحكم بعدم رضاء الشارع على ذلك، فان من علم بعدم رضاء مولاه بالاباق او بقتل ولده يحكم عقله باستحقاق العقاب، فالانصاف ان هذا مما لا يدركه العقل ضرورة و ان لم نتحقق التكليف الاصطلاحى، و انحصار الجزاء فيه ممنوع و مما يؤيد ما ذكرنا ما سيجيء من تفسير اللطف.