responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 6  صفحه : 14

الدين، و هو يومئذ صاحب إربل، فأقام قليلا ثم مرض، و توفى ثامن عشرى شهر رمضان سنة ست و ثمانين و خمسمائة بالناصرة، و هى قرية بالقرب من عكا، يقال إن المسيح (عليه السلام)، ولد بها، على الاختلاف الذى فى ذلك.

فلما توفى، التمس مظفر الدين من السلطان، أن ينزل عن حران و الرها و شميساط، و يعوضه إربل، فأجابه إلى ذلك، و ضم إليه شهرزور، فتوجه إليها، و دخل إربل فى ذى الحجة سنة ست و ثمانين و خمسمائة، هذه خلاصة أمره.

و أما سيرته، فلقد كان له فى فعل الخير غرائب، لم يسمع أن أحدا فعل فى ذلك، مثل فعله، لم يكن فى الدنيا شى‌ء أحب إليه من الصدقة، كان له كل يوم قناطير مقنطرة من الخبز، يفرقها على المحاويج فى عدة مواضع من البلد، يجتمع فى كل يوم خلق كثير، يفرق عليهم فى أول النهار، و كان إذا نزل من الركوب، يكون قد اجتمع خلق كثير عند الدار، فيدخلهم إليه، و يدفع لكل واحد كسوة، على قدر الفصل من الشتاء و الصيف، أو غير ذلك، و مع الكسوة شى‌ء من الذهب، من الدينار و الاثنين و الثلاثة، و أقل و أكثر، و كان قد بنى أربع خانقاهات، للزمنى و العميان، و ملأها من هذين الصنفين، و قرر لهم ما يحتاجون إليه كل يوم، و كان يأتيهم بنفسه فى كل عصرية اثنين و خميس، و يدخل عليهم، و يدخل إلى كل واحد فى بيته، و يسأله عن حاله، و يتفقده بشى‌ء من النفقة، و ينتقل من واحد إلى واحد حتى يدور على الجميع، و هو يباسطهم و يمزح معهم، و يجبر قلوبهم، و بنى دارا للنساء الأرامل، و دارا للصغار و الأيتام، و دارا للملاقيط، و رتب فيها جماعة من المراضع، و كل مولود يلتقط، يحمل إليهن فيرضعنه، و أجرى على أهل كل دار ما يحتاجون إليه فى كل يوم، و كان يدخل أيضا إليهن و يتفقد أحوالهن، و يعطيهن النفقات، زيادة على المقرر لهن، و كان يدخل إلى البيمارستان، و يقف على مريض مريض، يسأله عن مبيته و كيفية حاله و ما يشتهيه، و كان له دار مضيف، يدخل إليها كل قادم إلى البلد، من فقيه أو فقير أو غيرهما.

و على الجملة، فما كان يمنع منها كل من قصد الدخول إليها، و لهم الراتب الدّارّ فى الغداء و العشاء، و إذا عزم الإنسان على السفر، أعطوه نفقة على ما يليق لمثله، و بنى مدرسة رتب فيها فقهاء من الفريقين، من الشافعية و الحنفية، و كان فى كل وقت يأتيها بنفسه، و يعمل السماط بها، و يبيت بها، و يعمل السماع، و إذا طاب و خلع شيئا من ثيابه، سير للجماعة بكرة شيئا من الإنعام، و لم يكن له لذة سوى السماع، فإنه كان لا يتعاطى المنكر، و لا يمكّن من إدخاله البلد، و بنى للصوفية خانقاتين فيهما خلق كثير، من المقيمين و الواردين، و يجتمع فيهما فى أيام المواسم من الخلق، ما يعجب الإنسان من‌

نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 6  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست