responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 5  صفحه : 470

فقال له أمير الركب: يا شريف، أنت ابن بنت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، و الخليفة ابن عمك، و أنا مملوك تركى، لا أعلم من الأمور التى فى الكتب ما علمت، و لكنى قد رأيت أن هذا من شرف العرب، الذين يسكنون البوادى، و نزعات قطاع الطريق و مخيفى السبيل، حاش للّه أن أحمل هذه الأبيات عنك إلى الديوان العزيز، فأكون قد جنيت على بيت اللّه، و بنى بنت نبيه (صلى اللّه عليه و سلم)، ما ألعن عليه فى الدنيا، و أحرق بسببه فى الآخرة، و اللّه لو بلغ هذا إلى حيث أشرت، لترك كل وجه، و جعل جميع الوجوه إليك حتى يفرغ منك، ما لهذا ضرورة، إنه قد خطر لك أنهم استدرجوك، لا تسر إليهم، و لا تمكن من نفسك، و قل جميلا، و إن كان فعلك ما علمت. قال: فأصغى إليه أبو عزيز، و علم أنه رجل عاقل ناصح، ساع بخير لمرسله و للمسلمين، فقال له: كثر اللّه فى المسلمين مثلك، فما الرأى عندك؟ قال: أن ترسل من أولادك من لا تهتم به إن جرى عليه ما يتوقعه، و معاذ اللّه أن يجرى إلا ما تحبه، و ترسل معه جماعة من ذوى الأسنان و الهيئات من الشرفاء، فيدخلون مدينة السلام، و فى أيديهم أكفانهم منشورة، و سيوفهم مسلولة، و يقبلون العتبة، و يتوسلون برسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، و بصفح أمير المؤمنين، و سترى ما يكون من الخير لك و للناس، و اللّه لئن لم تفعل هذا، لتركبنّ الإثم العظيم، و يكون ما لا يخفى عنك، قال:

فشكره و وجه صحبته ولده و أشياخ الشرفاء، و دخلوا بغداد على تلك الهيئة التى رسم، و هم يضجون و يبكون و يتضرعون، و الناس يبكون لبكائهم، و اجتمع الخلق كأنه المحشر، و مالوا إلى باب النوبى من أبواب مدينة الخليفة، فقبلوا هنالك العتبة، و بلغ الخبر الناصر، فعفى عنهم و عن مرسلهم، و أنزلوا فى الديار الواسعة، و أكرموا الكرامة التى ظهرت و اشتهرت، و عادوا إلى أبى عزيز بما أحب، فكان بعد ذلك يقول: لعن اللّه أول رأى عند الغضب، و لا عدمنا عاقلا ناصحا يثنينا عنه. انتهى.

و ذكر ابن محفوظ: أن قتادة أرسل إلى الخليفة ولده راجح بن قتادة فى طلب العفو، و كلامه يقتضى أن ذلك وقع بإثر الفتنة. و ذكر ابن الأثير ما يوافق ذلك، و ما ذكره ابن سعيد، يقتضى أن ذلك بعد سنة من الفتنة، و اللّه أعلم.

و قد ذكر قتادة جماعة من العلماء فى كتبهم، و ذكروا ما فيه من الأوصاف المحمودة و المذمومة، مع غير ذلك من خبره، فنذكر ما ذكروه لما فيه من الفائدة.

قال المنذرى فى التكملة: كان مهيبا و قورا قوى النفس شجاعا مقداما فاضلا، و له شعر.

قال: و تولى إمرة مكة مدة، رأيته بها و هو يطوف بالبيت شرفه اللّه تعالى، و يدعو

نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 5  صفحه : 470
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست