نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد جلد : 2 صفحه : 311
يمر على الوادى فتثنى رماله* * * عليه و بالنادى فتبكى أرامله
فلم ير باكيا أكثر من ذلك اليوم. ثم ساروا به مع الحاج، فلما وصلوا إلى وادى المحرم، ألقى على تابوته شقة كأنه محرم، ثم أتوا به عرفات، و خرج أهل مكة باكين و صعدوا به إلى الجبل.
ثم نزلوا به إلى منى، و اشتروا جمالا و نحروها عنه، ثم دخلوا به مكة، و طافوا به حول البيت، و اشتغل الناس به عن البيت، من كثرة البكاء و الصراخ، و خرج النساء المجاورات، التى كان يصل إليهن بره، بين يدى تابوته يبكين و يصرخن، و كان يوما عظيما، و ساروا به إلى المدينة، فخرج أهلها و فعلوا كما فعل أهل مكة، و دخلوا به إلى الروضة، فصلوا عليه و حملوه إلى رباطه، فدفنوه به، و بين رباطه و بين مسجد رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، أذرع، عرض الطريق.
و كان فصيحا، و لما حبس قال:
أين اليمين و أين ما عاهدتنى* * * ما كان أسرع فى الهوى ما خنتنى
و تركتنى حيران صبا مدنفا* * * أرعى النجوم و أنت ترقد هاهنى
فلأرفعن إلى إلهى قصة* * * بلسان مظلوم و أنت ظلمتنى
و لأدعون عليك فى غسق الدجى* * * فعساك تبلى بالذى أبليتنى
و لم يحمل إلى مكة ميت قبله، سوى الحرة ملكة عدن، و ابن رزيك أخو الصالح طلائع، و الخادم أرهست صاحب عمان، انتهى.
قلت: و ما ذكره صاحب المرآة، من أنه لم يحمل إلى مكة ميت قبل الجواد سوى من ذكرهم- و هم بلا ريب- لأنه حمل إلى مكة قبل الجواد هذا، الوزير أبو الفضل جعفر ابن الفضل بن الفرات، المعروف بابن حنزابة.
و من العجب أن صاحب المرآة ذكر ذلك، و ذكر أنه فعل له ما فعل بالجواد، من الطواف بالبيت، و إحضاره عرفة، و الذهاب به إلى المدينة، و دفنه فى تربة هناك. و ذلك فى سنة إحدى و تسعين و ثملاثمائة. و فيها مات فى شهر ربيع الأول بمصر. و ذكر أنه كان يبعث فى كل سنة لأهل الحرمين مالا و كسوة و طعاما.
و وهم أيضا الذهبى فى قوله فى ترجمة الجواد: إنه دفن بالبقيع؛ لأنه إنما دفن برباطه، كما ذكر صاحب المرآة و غيره.
قال الذهبى: و لقد حكى ابن الأثير فى ترجمة الجواد: مآثر و محاسن لم يسمع بمثلها فى الأعمار.
نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد جلد : 2 صفحه : 311