نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد جلد : 2 صفحه : 303
و انتصب للإقراء بالحرم الشريف، عند أسطوانة فى محاذاة باب أجياد، و أخذ خطوط من عاصره من أمراء مكة و قضاتها، بالجلوس عندها.
و ذكر لنا، أنه كان يتأثر ممن يجلس عندها، حتى فى غيبته، لخيال وهمى قام فى ذهنه فى ذلك، و قام هذا الخيال بذهنه، حتى فى تحديثه، فإنه لم يحدث إلا باليسير من مروياته، متسترا فى منزله غالبا، مع تبرم يظهر منه غالبا فى ذلك.
و خرج لنفسه جزءا صغيرا، و لغيره مشيخات و غيرها، على غير اصطلاح الناس، و سلك فى التخريج طريقة لا تحمد، و هى أنه يدرج فى الإسناد ما لم يقع به الإخبار.
و مثال ذلك: أن الرضى الطبرى مثلا، سمع جزء سفيان بن عيينة على ابن الجميزى، و له إجازة من سبط السلفى، و هما سمعاه من السلفى، لكن لم يحدث به الرضى، إلا عن ابن الجميزى فقط، فسمعه منه جماعة كذلك، فيأتى ابن سكر، فيخرج منه شيئا لمن سمعه على الرضى، و يقول له: أخبرك الرضى الطبرى سماعا، قال: أخبرنا ابن الجميزى سماعا، و سبط السلفى إجازة، قالا: أخبرنا السلفى، و إنما لم يحسن هذا، لكونه على خلاف عمل أهل الحديث من أهل عصرنا، و غير [....] [2] فإنهم مازلوا ينبهون على ما يقع به الإخبار فى السماع و الرواية.
و مثال ذلك فى السماع: أن يكون لإنسان إسناد متعدد، فيقرأ، ثم يأتى شخص بعد قراءته، و يسمع بعض المقروء بهذا الإسناد، و يعاد له بعض طرق الإسناد، فينبهون على ما سمع من الإسناد.
و مثال ذلك فى الرواية: أن يكون لإنسان شيخان مثلا فى جزء، فيحدث به مرة عنهما، و يسمعه بذلك شخص، و يحدث به مرة عن أحدهما، و يسمعه بذلك آخر، ثم يجمع بين السامعين عليه فى الرواية.
و لمم يقع الإخبار فى رواية فلان عن فلان، إلا عن فلان فقط. و مثل هذا كثير، لا يخفى على من له أدنى نباهة، و لا يحتاج إلى استدلال.
و شاهدنا منه أيضا تساهلا آخر فى تسميعه لأهل بيته، فإنهم يكونون غالبا من وراء حجاب، و يقومون و يبعدون عن مجلس السماع، بحيث لا يسمعون إلا صوتا غفلا، و ربما لا يسمعون شيئا، فيأمر بكتابتهم فى الطباق، من غير تنبيه على ذلك، و يغضب