responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 1  صفحه : 130

و شرع القاضى كريم الدين عبد الكريم- ناظر الخاص- فى تجهيز ما يحتاج إليه، و خرج إلى ناحية سرياقوس و صار يقف و هو مشدود الوسط أو يجلس على كرسى، و سائر أرباب الوظائف فى خدمته و هو يرقب الأمور، فعمل عدة قدور من فضة و نحاس تحمل على البخاتى ليطبخ فيها، و أحضر الخولة لعمل مباقل و خضروات و رياحين و مشمومات فى أحواض خشب لتحمل على الجمال و تسقى طول الطريق، و يؤخذ منها كل يوم ما يحتاج إليه، و رتب الأفران و قلائى الجبن و صنّاع الكماج‌ [1] و السميذ و غير ذلك مما يحتاج إليه، و أعطى العربان أجر الجمال التى تحمل الشعير و البشماط و الدقيق، و جهز مركبين فى البحر إلى الينبع و مركبين إلى جدة، بعد ما اعتبر كلفة العليق بأوراق كتب فيها أسماء اثنين و خمسين أميرا، منهم من له فى اليوم مائة عليقة، و منهم من له خمسون، و أقلّهم من له عشرون عليقة، فكانت جملة الشعير المحمول مائة ألف أردب و ثلاثين ألف أردب.

و جهز من الشام خمسمائة جمل تحمل الحلوى و السكردانات‌ [2] و الفواكه و حضرت أيضا حوائج خاناه على مائة و ثمانين جملا تحمل الحب رمّان و اللوز و ما يحتاج إليه فى الطبخ، سوى ما حمل من الحوائج خاناه من القاهرة، و جهز ألف طائر أوز و ثلاثة آلاف طائر دجاج.

فلما تهيأ ذلك ركب السلطان مستهل ذى القعدة، و معه المؤيد- صاحب حماة- و قاضى القضاة بدر الدين محمد بن جماعة الشافعى بعد ما مهدت عقبة أيلة من الصخور، و وسع مضيقها بعد ما كان سلوكه صعبا، و فتح مغارة شعيب.

فلما قدم مكة أظهر من التواضع و الذلة و المسكنة أمرا زائدا، و سجد عند معاينته البيت سجود عبد ذليل، ثم التفت إلى الأمير بدر الدين جنكلى بن البابا، و قال: «لا زلت أعظّم نفسى حتى رأيت البيت فذكرت تقبيل الناس الأرض لى، فدخل قلبى مهابة عظيمة لم تزل حتى سجدت للّه تعالى شكرا».

و تقدم إليه ابن جماعة و حسّن له أن يطوف راكبا فإن النبى- (صلى اللّه عليه و سلم)- طاف راكبا، فقال: «يا قاضى، و من أنا حتى أتشبه بالنبى (صلى اللّه عليه و سلم)؟ و اللّه لا طفت إلا كما يطوف الناس»، فطاف من غير أن يكون معه أحد من الحجاب، فصار الناس يزحموانه و يزاحمهم كواحد منهم حتى قضى طوافه و سعيه.


[1] مفرده كماجة، و هى لفظ فارسى، يعنى الخبز الشديد البياض يعجن بغير خميرة و يخبز على الرماد.

[2] لفظ فارسى مركب، يعنى الوعاء المستعمل لحفظ الحلوى.

نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 1  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست