نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 163
و كان يأكل الخبز مأدوما ما وجد له إداما، فتارة يأدمه باللحم و يقول: «هو سيّد طعام أهل الدّنيا و الآخرة». رواه ابن ماجه و غيره [1]. و تارة بالبطيخ، و تارة بالتمر، فإنه وضع تمرة على كسرة شعير، و قال: هذا إدام هذه» [2]. و في هذا من تدبير الغذاء أن خبز الشعير بارد يابس، و التمر حار رطب على أصح القولين، فأدم خبز الشعير به من احسن التدبير، لا سيما لمن تلك عادتهم، كأهل المدينة، و تارة بالخل، و يقول: «نعم الإدام الخلّ»، و هذا ثناء عليه بحسب مقتضى الحال الحاضر، لا تفضيل له على غيره، كما يظن الجهال، و سبب الحديث أنه دخل على أهله يوما، فقدّموا له خبزا، فقال: «هل عندكم من إدام؟» قالوا:
و المقصود: أن أكل الخبز مأدوما من أسباب حفظ الصحة، بخلاف الاقتصار على احدهما وحده. و سمي الأدم أدما: لإصلاحه الخبز، و جعله ملائما لحفظ الصحة. و منه قوله في إباحته للخاطب النظر: إنه أحرى أن يؤدم بينهما، أي أقرب إلى الالتئام و الموافقة، فإن الزوج يدخل على بصيرة، فلا يندم.
و كان يأكل من فاكهة بلده عند مجيئها، و لا يحتمي عنها، و هذا أيضا من أكبر أسباب حفظ الصحة، فإن اللّه سبحانه بحكمته جعل في كل بلدة من الفاكهة ما ينتفع به أهلها في وقته، فيكون تناوله من أسباب صحتهم و عافيتهم، و يغني عن كثير من الأدوية، و قلّ من احتمى عن فاكهة بلده خشية السّقم إلا و هو من أسقم الناس جسما، و أبعدهم من الصحة و القوة.
و ما في تلك الفاكهة من الرطوبات، فحرارة الفصل و الأرض، و حرارة المعدة تنضجها و تدفع شرها إذا لم يسرف في تناولها، و لم يحمّل منها الطبيعة فوق ما تحتمله، و لم يفسد بها الغذاء قبل هضمه، و لا أفسدها بشرب الماء عليها، و تناول