نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 116
و أيضا فإن تحريمه يقتضي تجنبه و البعد عنه بكلّ طريق، و في اتخاذه دواء حضّ على الترغيب فيه و ملابسته، و هذا ضدّ مقصود الشارع، و أيضا فإنه داء كما نصّ عليه صاحب الشريعة، فلا يجوز أن يتخذ دواء.
و أيضا فإنه يكسب الطبيعة و الروح صفة الخبث، لأن الطبيعة تنفعل عن كيفية الدواء انفعالا بينا، فإذا كانت كيفيته خبيثة، اكتسبت الطبيعة منه خبثا فكيف إذا كان خبيثا في ذاته، و لهذا حرّم اللّه سبحانه على عباده الأغذية و الأشربة و الملابس الخبيثة، لما تكسب النفس من هيئة الخبث و صفته.
و أيضا فإن في إباحة التداوي به، و لا سيما إذا كانت النفوس تميل إليه ذريعة إلى تناوله للشهوة و اللذة، لا سيما إذا عرفت النفوس أنه نافع لها مزيل لأسقامها جالب لشفائها، فهذا أحبّ شيء إليها، و الشارع سدّ الذريعة إلى تناوله بكلّ ممكن، و لا ريب أن بين سد الذريعة إلى تناوله، و فتح الذريعة إلى تناوله تناقضا و تعارضا.
و أيضا فإن في هذا الدواء المحرم من الأدواء ما يزيد على ما يظن فيه من الشّفاء، و لنفرض الكلام في أمّ الخبائث التي ما جعل اللّه لنا فيها شفاء قطّ، فإنها شديدة المضرة بالدماغ الذي هو مركز العقل عند الأطباء، و كثير من الفقهاء و المتكلمين. قال أبقراط في أثناء كلامه في الأمراض الحادة: ضرر الخمرة بالرأس شديد. لأنه يسرع الارتفاع إليه. و يرتفع بارتفاعه الأخلاط التي تعلو في البدن، و هو كذلك يضر بالذهن.
و قال صاحب «الكامل»: إن خاصية الشراب الإضرار بالدماغ و العصب.
و أما غيره من الأدوية المحرمة فنوعان:
أحدهما: تعافه النفس و لا تنبعث لمساعدته الطبيعة على دفع المرض به كالسموم، و لحوم الأفاعي و غيرها من المستقذرات، فيبقى كلّا على الطبيعة مثقلا لها، فيصير حينئذ داء لا دواء.
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 116