نام کتاب : الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم نویسنده : النباطي، الشيخ علي جلد : 0 صفحه : 13
التتبع، أو بعدا عن المرمى، و خروجا عن الغرض فعذرنا إليهم
أنّ ذلك عن غفلة لا عمد، و سهو لا قصد
تمهيد:
إمتاز جبل عامل بخصائص
تفوّق بها على كثير من البلاد، و اختص بمزايا فضلته على سائر البقاع و الأصقاع،
فقد اشتهر بنقاء التربة ورقة الهواء، و طيب المناخ و عذوبة الماء، و أثرت تلك
العوامل في اهله فأخصت أذهانهم، و أرهفت أحاسيسهم و فتحت قرائحهم، و صقلت عقولهم،
و أنارت قلوبهم، و أضاءتها بنور العرفان، فكان منهم الحجج الأثبات، و الدعائم و
الأركان، و العباقرة و النوابع، و الأجلاء و الأكابر، الذين صاروا غرة ناصعة في
جبين الدهر، يفخر تاريخ الجبل بهم، و يباهي بأمجادم و مآثرهم
و لعلّ أبرز خصائص هذا
الجبل الأشم، و أظهر مميزاته و أهمها، سبقه إلى التسيع فتاريخ التشيّع فيه قديم
قدم الإسلام، و تنصّ المصادر الوثيقة و يثبت الاستقراء: أن التشيع في تلك المناطق
و ما والاها أقدم منه في كل بلاد الإسلام ما عدا الحجاز، فقد سبق إلى ذلك في مدينة
الرسول أقوام استضاؤا بنور اللّه تعالى، فاقتدوا بسنّة رسوله، و حفظوا عهده، و
تمسكوا بالثقلين بعده، فكانوا السابقين الفائزين، و القدوة الطيّبة لأبناء الفرقة
الناجية من أهل الحق و اليقين، و كان غارس بذرة التشيع في تلك البلاد، من الشام و
ما و الاها، هو الصحابيّ الجليل أبو ذرّ الغفاري- ره- فقد نفاه عثمان إلى الشام
فالتف أهلها حوله، و تنقّل في بعض قراها و كان لدعوته أثرها الطيب، و لغرسه ثمره
الجني[1]، فقد تشيع على
يده يومذاك كثير من الناس، و نما التشيع شيئا فشيئا في تلك الأطراف حتّى أصبحت
عاملة من بلاد الشيعة المعدوده[2]