و إذا لاحظنا ما للأنساب من الاعتبارات عند العرب عامة و عند الهاشميين على الأخص و ما لها من كرامة و قوانين عرفية وضعية تعرف السبب الباعث للشريف الرضي، فيما أكثر فيه من الافتخار بنسبه و ما يتصل بذلك من الأيفاء بكل ما يتوصل به لتولي النقابة فيها.
إن للأنساب شأنا مهما عند الأمة العربية قبل الإسلام و بعده و لعلمائها كرامة و قولهم فصل ينفث به حد الشدائد و تحل فيه عقد المكارة في حياتها العائلية و الاجتماعية و قولهم مقطع الأمر و مرجعه، به تشد و شائج الأرحام فينطفئ بها لهيب الأضغان و بقولهم نختار كرائم الأزواج لطهارة الأنساب. و النسب بعد ذلك من الدعائم التي ترتكز عليه مقدراتهم الاجتماعية و تتصل به اتصالا وثيقا لقد كان الحكم في الأمة العربية طائفيا قبل الإسلام و بعده و لحد الآن لم يستأصل ذلك النوع من الحكم من مجموعها الاجتماعي في كثير من أقطارها التي تقطنها مهما كان نفوذ الدولة التي تنضوي تحت سيادتها فان زعيم العشيرة و سريها هو صاحب السلطنة المطلقة في أفرادها و الملك غير المتوج و لكل عشيرة قوانين عرفية تقليدية تتواضع عليها و تتحد بها صلاتها مع غيرها من الطوائف الأخرى و تتمسك بها إلى حد الغلو و تتكون لها بها شخصية اجتماعية ممتازة و لا يتنافى ذلك مع سيادة الدولة التي يشملها سلطانها. و أن لطوائف الأمة العربية درجات في الكرامة الاجتماعية محترمة تتحاسب عليها في المناسبات التي تقع بينها فكان حتما في هذا الوضع الاجتماعي أن يحتفظ بالأنساب و يكون