نام کتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 232
* بيان
«عند اللّه أحتسب عنائي» أي من اللّه أطلب أجر مشقّتي في هذا السفر مع وقوع ذلك بقضائه و قدره، كأنه استبعد ذلك و زعم أن فيه تضادّا، و زيد في بعض الروايات:
«و لا أرى لي في ذلك أجرا» فردعه و ذكر أنّه ليس حتما يبلغ حدّ الإكراه و الاضطرار، و ذلك لأنّه إنّما وقع بالأسباب التي من جملتها اختيار العبد و سعيه، و إن كان ذلك أيضا مقضيّا، ثم بيّن ذلك ببيان مفاسد الجبر، و إنّما كان المذنب أولى بالإحسان؛ لأنّه لا يرضى بالذنب، كما يدلّ عليه جبره عليه، فجبره عليه يستدعي إحسانا في مقابلته، و المحسن أولى بالعقوبة؛ لأنّه لا يرضى بالإحسان لدلالة الجبر عليه، و من لا يرضى بالإحسان أولى بالعقوبة من الذي يرضى به.
و قوله: «و مجوسها» إشارة إلى الحديث النبويّ المشهور: «القدريّة مجوس هذه الامّة [1]» و وجه تسميتهم بالمجوس مشاركتهما في سلب الفعل عن العبد، فإنّ المجوس يسندون الخيرات إلى اللّه تعالى، و الشرور إلى إبليس.
و تحقيق هذا المقام يحتاج إلى بسط من الكلام، فنقول و باللّه التوفيق: اعلم أنّ القدر في الأفعال و خلق الأعمال من الأسرار و الغوامض التي تحيّرت فيها الأفهام، و اضطربت فيها آراء الأنام، و لم يرخّص في إفشائها بالكلام، فلا يدوّن إلّا مرموزا، و لا يعلم إلّا مكنونا، لما في إظهاره من إفساد العامّة و هلاكهم، و لهذا لم يرد في بيانه إلّا مجملات، و ترى أئمتنا (عليهم السلام) تارة يقولون في مثله: «هكذا خرج إلينا» كما مرّ، و اخرى يقولون: «لا جبر و لا قدر و لكن منزلة بينهما فيها الحق التي بينهما لا يعلمها إلّا العالم أو من علّمها إياه العالم [2]» كما يأتي.
و عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): «القدر سرّ اللّه فلا تظهروا سرّ اللّه [3]» و في معناه أخبار، فالغور فيه ممنوع منه، إلّا أنّه يمكن الإشارة إلى لمعة منه لمن كان أهله بنقل المذاهب و بيانها، فإنّ الآراء أربعة: اثنان فاسدان، هما: الجبر و التفويض اللّذان هلك بهما كثير من الناس، و اثنان دائران حول التحقيق و مرجعهما إلى الأمر بين الأمرين، أحدهما أقرب إلى الحقّ و النّقول، و أبعد من الأفهام و العقول، و هو طريقة أهل الشّهود العارفين بأسرار الأخبار، و الاخر بالعكس، و هو طريقة أهل العقول و الأنظار، و بيان الأول عسير لغموضه جدّا، فلنطوها طيّا، و نكتفي ببيان الثاني، و إن لم