responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 148

إليه لما عرفت أنّها فطرية بخلاف النظر الأول، فإنّكم تنظرون في الأشياء أولا إلى اللّه عزّ و جلّ و آثاره من حيث هي آثاره، ثم إلى الأشياء و افتقارها في أنفسها، فإنّا إذا عزمنا على أمر مثلا، و سعينا في إمضائه غاية السعي، فلم يكن علمنا أنّ في الوجود شيئا غير مرئي الذات يمنعنا عن ذلك و يحول بيننا و بين ذلك، و علمنا أنّه غالب على أمره و أنّه مسخّر للأشياء على حسب مشيئته، و مدبّر لها بحسب إرادته، و أنّه منزّه عن صفات أمثالنا، و هذه صفات بها يعرف صاحبها حقّ المعرفة.

فإذا عرفنا اللّه جلّ و عزّ بهذا النظر، فقد عرفنا اللّه باللّه، و إلى مثل هذه المعرفة أشير في غير موضع من القرآن المجيد بالآيات حيث قيل: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلٰافِ اللَّيْلِ وَ النَّهٰارِ لَآيٰاتٍ لِأُولِي الْأَلْبٰابِ [1] و أمثال ذلك من نظائره.

و على هذا القياس معرفة الرسول بالرسالة، فإنّا بعد ما أثبتنا وجوب رسول من اللّه تعالى إلى عباده، و حاولنا أن نعرفه و نعيّنه من بين سائر الناس، فسبيله أن ننظر إلى من يدّعي ذلك، هل يبلّغ الرسالة كما ينبغي أن يبلّغ، و ينهج الدلالة كما ينبغي أن ينهج، فإذا نظرنا إليه من هذه الجهة فقد عرفناه بالرسالة.

و كذا القول في الإمام، فإنّ الكلّ على وتيرة واحدة، و ممّا يؤيّد ما قلناه، ما أورده الصدوق (رحمه اللّه) في توحيده في هذا الباب بإسناده عن الباقر (عليه السلام) عن أبيه عن جدّه (عليهما السلام) أنّه قال: «إنّ رجلا قام إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، بما ذا عرفت ربّك؟

قال: بفسخ العزم و نقض الهمّ، لمّا هممت فحيل بيني و بين همّي، و عزمت فخالف القضاء و القدر عزمي، علمت أنّ المدبّر غيري» [2].

[المتن]

[195] 2. الكافي: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام)، بم عرفت ربّك؟ قال: «بما عرّفني نفسه».

قيل: و كيف عرّفك نفسه؟ قال: «لا يشبهه صورة و لا يحسّ بالحواسّ، و لا يقاس بالناس، قريب في بعده، بعيد في قربه، فوق كلّ شيء، و لا يقال شيء فوقه، أمام كلّ شيء، و لا يقال له أمام، داخل في الأشياء لا كشيء داخل في شيء، و خارج من الأشياء لا كشيء خارج من شيء، سبحانه من هو هكذا و لا هكذا غيره، و لكلّ شيء مبتدأ» [3].


[1]. آل عمران (3): 190.

[2]. التوحيد: 288/ 6.

[3]. الكافي 1: 85/ 2.

نام کتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست