الخلق (صلوات اللّٰه عليه) حتّى يقال بل قيل: إنّ ساحة شأنه و علو مقامه و علمه المطلق و ولايته المطلقة و عصمته و مكانته تمنعنا من ذلك، مع أنّه لا يتعلّق غرض بذلك. بل من حيث جعل ما ورد منه في باب النصب خصوصاً أو عموماً دليلًا على حكم المسألة في الزمانين، و إن قيل بأنّ نصب المفضول بالنصب الخاص في زمان الحضور لا يصلح دليلًا على الجواز لما ستقف عليه. ثمّ إنّ المذكور في كلام غير واحد، منهم شيخنا الأفقه في جواهره [1] كون ملاك مسألتنا و مسألة تقليد الأعلم واحداً و كونهما من واد واحد، قولًا و دليلًا، لكنّه ليس على ما ينبغي كما ستقف عليه.
و قبل الخوض في المسألة لا بدّ من تقديم مقدّمة مشتملة على أمور توجب الإحاطة على أطراف المسألة و البصيرة بها
و الوقوف على مدرك القولين أو الأقوال فيها.
الأوّل: أنّه لا خلاف ظاهراً في كون القضاء و الحكم اللذين يراد بهما الإلزام
بما لا يقتضيه تكليف الملزم في مرحلة تكليفه و لو ظاهراً بحسب جعله الأولي من مناصب خليفة اللّٰه على خلقه و من أغصان ولايته المطلقة العامة، فلا يجوز التعرّض لغيره له إلَّا بإذنه أو نصبه خصوصاً أو عموماً. و يدلّ عليه مضافاً إلى الإجماع الظاهر و المنقول المعتضد بالشهرة المحقّقة العظيمة، الكتاب و السنة.
أمّا الأوّل، فيدلّ عليه منه قوله تبارك و تعالى: «يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّٰاسِ بِالْحَقِّ»[2] فإنّ التفريع في الآية الشريفة له دلالة ظاهرة على ذلك، فتدبّر.
و مثله قوله تبارك و تعالى: «إِنّٰا أَنْزَلْنٰا إِلَيْكَ الْكِتٰابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّٰاسِ بِمٰا أَرٰاكَ اللّٰهُ»[3] و قوله تعالى: «و إذا تَنٰازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ» الآية [4]، إلى غير ذلك.
و أمّا الثاني، فيدلّ عليه منها أخبار كثيرة بالغة حدّ الاستفاضة، فيها الصحاح