درس (الآقا)، فقلت في نفسي: ابادر بحضور الدرس كي لا يفوتني ثمّ أذهب للاغتسال في الحمّام، فحضرت مجلس الدرس قبل أن يشرّفه شيخنا الاستاد، و بعد أن حلّ فيه نظر ببشر و ابتهاج إلى أطراف المجلس، و فجأة ظهرت عليه آثار الهمّ و الغمّ و تغيّر وجهه الشريف ثمّ قال: اليوم قد عطّل الدرس اذهبوا إلى بيوتكم، فقام التلاميذ واحدا واحدا و غادروا مجلس الدرس، و عند ما أردت القيام قال لي (الآقا): اجلس، فجلست، و حيث فرغ المجلس قال لي: إنّ تحت البساط الّذي أنت جالس عليه مقدارا من المال خذه و اذهب و اغتسل و لا تحضر بعد هذا في أمثال هذه المجالس و أنت مجنب، فأخذت المال متعجّبا و ذهبت إلى الحمّام و اغتسلت [1].
و من الواضح؛ أنّ أمثال هذه التوفيقات لا تتأتّى هيّنا، و لا تحصل لأحد جزافا؛ إذ هو يقول- كما سلف- (.. لا أحسب نفسي شيئا أبدا ..)، و الّذي يثبت هذه الدعوى تركه لمنصب التدريس و الإفتاء في أواخر عمره و إيكاله إلى تلامذته.
و المعروف؛ أنّه كان يتقبّل أحيانا الاجرة على العبادات كالصلاة و الصوم، و يؤدّيها و يدفع الاجرة إلى بعض تلامذته؛ ليدفع عنهم العسرة و يفرّغهم للدراسة و التسلّح بسلاح العلم للدفاع عن حياض الدين.
معاصروه:
لا بأس بالتعرّض إلى جمع من مفاخر أعلامنا الّذين عاصروا المرحوم الوحيد، نذكر بعض المشاهير منهم: