إنّ من حظى بلقيا شيخنا المصنّف طاب رمسه انبهر بما امتاز به من سلوكيّة رائعة، و خلوص تام و طهارة بيّنة، نلمسها ممّا كتبوه عنه، فهاك العلّامة الدربندي إذ يقول: كان أتقى الناس في زمانه و في هذه الأزمنة، و أورعهم و أزهدهم.
و بالجملة؛ كان في الحقيقة عالما عاملا بعلمه، متأسّيا مقتديا بالأئمّة الهداة (صلوات اللّه عليهم)، فلأجل خلوص نيّته و صفاء عزيمته، وصل كلّ من تلمّذ عنده مرتبة الاجتهاد، و صاروا أعلاما في الدين [1].
و مع كلّ ما امتاز به من عظمة و غور علمي و فكري، نجده أمام النصّ و أئمة الهدى (سلام اللّه عليهم) ذليلا خاضعا، كما قال لنا في «معارف الرجال»: كان يراعي في أواخر عمره ما كانت عادته عليه من زيارة قبر الحسين (عليه السّلام)، و إحراز غاية الآداب، و نهاية الخضوع و الخشوع، حتّى أنّه كان يسقط على وجهه في مخلع النعال، و تقبيل الأرض الطاهرة، و يسقط في أبواب الحرم الحسيني الشريف على وجهه و يقبّلها و يدخل الحرم، و كان أيضا يراعي تلك الآداب و يفعل هذه الأفعال عند زيارة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) [2].
و ينقل لنا نظير هذه الواقعة التنكابني في «قصص العلماء» في خضوعه و خشوعه في حريم أهل البيت (عليهم السّلام).
و من الطريف أنّه مع كلّ تذلّله و خضوعه بين يدي ربّه و أوليائه، نراه أبيّ النفس أمام أصحاب القدرة و السلطان، غنيّا عنهم.