لقد أفرط الأخباريّون هنا- على خلاف ما سبق- إذ حكموا بشكل قاطع بقطعيّة تمام الأحاديث الواردة عن أهل بيت العصمة و الطهارة (عليهم السّلام)، و ذهبوا إلى عدم الحاجة إلى علم الرجال.
و قد نقل فقيدنا الوحيد طاب ثراه في الفصل الثامن من رسالة «الاجتهاد و الأخبار» نصّ كلام الفاضل الاسترابادي في «الفوائد المدنيّة»، و نحن ننقل لك طرفا من كلام الفاضل المذكور و جواب مؤلّفنا المبرور؛ حيث قال:
(... إنّ العلم بأحوال الرجال غير محتاج إليه؛ لأنّ أحاديثنا كلّها قطعيّة الصدور عن المعصوم، فلا نحتاج إلى ملاحظة سنده؛ أمّا الكبرى فظاهر، و أمّا الصغرى فلأنّ أحاديثنا محفوفة بالقرائن المفيدة للقطع بصدورها عن المعصوم (عليه السّلام) ...) ثمّ ذكر القرائن المدّعاة الّتي ننقلها هنا إجمالا:
1- يمكن إحراز وثاقة الرواة بالقرائن، و إن كانوا فاسقين عقيدة أو عملا.
2- تعاضد الروايات بعضها ببعض.
3- تلقّي الروايات من الكتب المعتمدة.
4- جملة من الرواة يعدّون من أصحاب الإجماع.
5- اثر عنهم (عليهم السّلام) في حقّ بعض الرواة بأنّهم «ثقاة مأمونون»، أو «امناء اللّه في أرضه»، و أمثال هذه القرائن.
ثمّ إنّ المرحوم الوحيد (رحمه اللّه) بدأ بنقد هذه القرائن، و التحقيق في الأدلّة المذكورة، فقال: (ما ادّعيت من حصول القطع من القرائن بأنّ الراوي ثقة ...